كيف يقرأ الفيدرالي بيانات التضخّم ؟ وكيف ستتأثّر الأسواق؟

كيف يقرأ الفيدرالي بيانات التضخّم ؟ وكيف ستتأثّر الأسواق؟

14 سبتمبر 2021 02:28 م

أدخل فيروس كورونا الاقتصاد العالمي، ومنه الاقتصاد الأمريكي، في ركود وانكماش حاد لم نشهد له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، ليدفع ذلك الفيدرالي الأمريكي لاتخاذ إجراءات غير اعتيادية، شملت أسعار فائدة متدنية جداً بين 0.00% و0.25%، إلى جانب إقرار برامج شراء للأصول يبلغ إجماليها 120 مليار دولار أمريكي شهرياً.

حتى يومنا هذا، لم يتم إثبات أن الاقتصاد الأمريكي قادر على الاستمرار في نموّه والتعافي من آثار الجائحة، فمتحوّرات كورونا تضر في عجلة النمو، بل ودفعت بعض رؤساء البنوك المركزية للإشارة إلى احتمال انكماش اقتصادي على مدى الربع الثالث من هذه السنة، وهذا ما صرّح فيه رئيس الاحتياطي الأسترالي.

فالمعضلة الحالية التي تواجه البنوك المركزية هي التضخّم، فالتضخّم في الولايات المتحدّة الأمريكية خلال جائحة كورونا عام 2020، انخفض ليصل إلى 0.1% شهر مايو، وبدأ بعدها بارتفاع مضطرد حتى تعدّى مستوى الـ2.0% شهر مارس 2021، واستمر بالارتفاع وصولاً نحو 5.4% شهري يونيو ويوليو.

ويعتبر مستوى التضخّم بحسب مؤشر أسعار المستهلكين عند 5.4% مرتفعاً جداً، ورغم اعتماد الفيدرالي على مؤشر نفقات الاستهلاك الجوهري Core PCE، والذي وصل نحو 3.6%، إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين يعتبر مؤشّراً مسبقاً عن توقعات مؤشر PCE المشار له.

ويعتقد الفيدرالي الأمريكي بأن التضخّم في الولايات المتحدّة "عابر"، ويتوقّع أن ينخفض التضخّم خلال الفترة المقبلة، وهذا فعلاً ما قد يحصل خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً مع التوقّف في ارتفاع أسعار النفط. لكن، إلى أي حد سينخفض؟

من غير المتوقّع أن ينخفض التضخّم بحسب مؤشر أسعار المستهلكين ما دون 2.0% طوال هذه السنة، مما يعني بأن المؤشر سيستمر بإظهار وتيرة ارتفاع أسعار كبيرة، تضرّ بالقدرة الشرائية للنقد بشكل مباشر. على ذلك، يجب على الفيدرالي أن يبدأ بالتفكير بتقليص التحفيز الاقتصادي، وتحديداً برامج شراء الأصول، إذ أنها تلعب دوراً مهماَ في زيادة دوران النقد في الاقتصاد، مما يساهم في ارتفاع التضخّم.

تشير التوقعات لاحتمال أن يكون مؤشر أسعار المستهلكين قد انخفض من 5.4% إلى 5.3% الشهر الماضي أغسطس، وهذا الانخفاض قد لا يكون كبيراً، لكنه مهم جداً بالنسبة للأسواق المالية.

الأسواق المالية متأكدّة من تقليص برامج الأصول هذه السنة، لكن هل سيكون تقليص البرامج سريعا؟

انخفاض التضخّم بأكثر من المتوقّع قد يعني بأن الفيدرالي الأمريكي سيبدأ التقليص لبرامج شراء الأصول، لكن لن يكون مستعجلاً، وقد يبدأ بتقليص برامج الأصول شهر نوفمبر أو ديسمبر، على أن يكون التقليص تدريجياً بما لا يتعدّى 20 مليار دولار كل شهر.

  • في حال صدرت البيانات ما دون التوقعات عند 5.3%، على سبيل المثال 5.2% أو أقل، عندها قد يستجيب الدولار لهذه الحالة بالسلب، وربما ترتفع أسعار الذهب وتصعد الأسهم، لأن هذا يعني عدم استعجال الفيدرالي في بدء التقليص لبرامج شراء الأصول، وعدم الاستعجال أيضاً في الفترة الزمنية التي سيستمر فيها التقليص.
  • لكن على النقيض من ذلك، لو جاءت القراءة على غير المتوقع على ارتفاع، أي أن تكون 5.5%، ورغم أن هذا مستبعد لكنه خيار، فهنا قد يبدأ الفيدرالي بتقليص تحفيزاته للاقتصاد الشهر المقبل أكتوبر، بل ربما يكون مستعجلاً في كميات التقليص، لينهي برامجه خلال الربع الأوّل من العام المقبل 2022، وبالتالي قد يرتفع الدولار الأمريكي بشكل ملموس، وينخفض الذهب إثر ذلك مع توتّر كبير في أسواق الأسهم الأمريكية.
  • الخيار الثالث والأخير هو أن تصدر البيانات بحسب المتوقع، بانخفاض إلى 5.3%، أو أن يبقى عند 5.4%، فهذا الخيار قد يترك الأسواق المالية في حيرة كبيرة، بل وقد يجعل الفيدرالي الأمريكي أيضاً في حيرة وسيتطلّب ذلك مزيد من البيانات الاقتصادية مستقبلاً لتحديد كميات خفض وموعد الخفض في برامج شراء الأصول، مما سيترك الأسواق المالية في حالة من التذبذب الكبير.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط