ما الذي يمكن توقعه من اجتماع الفيدرالي في يوليو؟
يستعد الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع يوليو، رغم تصاعد الضغوط السياسية من الرئيس دونالد ترامب، في وقت يتعامل فيه صناع السياسة مع مخاطر التضخم وتوقيت أي خفض قادم للفائدة.

الفيدرالي الأمريكي يتجه لتثبيت الفائدة في يوليو وسط انتقادات لاذعة من ترامب وقلق متزايد من تأثير الرسوم الجمركية على التضخم.
انقسامات بدأت تظهر داخل البنك، مع إعلان اثنين من المحافظين عن نيتهم التصويت لصالح خفض الفائدة.
البيانات الأخيرة أظهرت استمرار قوة الإنفاق الاستهلاكي، لكن الرسوم الجمركية بدأت ترفع معدلات التضخم فوق المستهدف.
شهر سبتمبر لا يزال الوقت الأبرز لبدء دورة الخفض، بانتظار المزيد من بيانات سوق العمل والتضخم.
الفيدرالي تحت نيران سياسية قبيل اجتماع يوليو
يستعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي لاجتماعه في يوليو وسط ضغوط غير مسبوقة من الرئيس دونالد ترامب، الذي يتهم البنك بـ"اللعب السياسي" عبر تثبيت الفائدة رغم حاجة السوق إلى تخفيضات. هجوم ترامب ازداد حدة، ملوّحًا بعزل جيروم باول من منصبه، ومستغلًا مشروع تجديد مبنى الفيدرالي بقيمة 2.5 مليار دولار كدليل على سوء الإدارة.
رغم ذلك، يؤكد مسؤولون مطّلعون أن الفيدرالي سيُبقي تركيزه على المؤشرات الاقتصادية، ويتوقع أن يتجنب باول التطرق للمسائل السياسية خلال المؤتمر الصحفي، مشددًا على استقلالية المؤسسة والتزامها بمهمتها المزدوجة.
قال أحد المسؤولين السابقين في الفيدرالي: "عليك أن تتجاهل الأمر ولا تتحدث عنه... نحن نركز على مهمتنا الأساسية، وهذه المهمة صعبة بما فيه الكفاية."
التضخم المدفوع بالرسوم الجمركية يُعقّد حسابات السياسة النقدية
سجل مؤشر أسعار المستهلكين في يونيو ارتفاعًا بلغ 2.7% على أساس سنوي، وهو الأعلى منذ فبراير، مدفوعًا بشكل كبير بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وشهدت السلع المستوردة مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث والألعاب أعلى زيادات سنوية منذ أكثر من عامين، ما ساهم بـ38% من إجمالي الارتفاع الشهري في التضخم.
رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافاييل بوستيك، صرح بأن "بيانات التضخم الأخيرة تحمل رسالة مختلفة"، مشيرًا إلى احتمال حدوث تحول في اتجاه الأسعار. المسؤولون في البنك أصبحوا أكثر حذرًا بعد تجارب سابقة خلال جائحة كورونا، حين تأخروا كثيرًا في الاستجابة لارتفاع التضخم.
ورغم استمرار قوة إنفاق المستهلكين وتراجع طلبات إعانة البطالة لستة أسابيع متتالية، يرى الفيدرالي أن الوقت لا يزال مناسبًا للتحلي بالصبر. وصرّح أحد الاقتصاديين بأن "لا يوجد ما يدعو للاستعجال في تخفيف السياسة النقدية"، مشيرًا إلى الحاجة لمزيد من الوضوح بشأن سياسات التجارة.
من جانبه، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو موساليم، إن "تأثير الرسوم الجمركية سيستغرق وقتًا حتى يتضح بالكامل".
انقسامات داخل الفيدرالي: والير وبومان يدفعان نحو الخفض
رغم ميل الأغلبية إلى تثبيت الفائدة، بدأت الخلافات الداخلية بالبروز. فقد أعلن المحافظ كريستوفر والير صراحةً أنه سيصوّت لصالح خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع يوليو، محذرًا من هشاشة سوق العمل. وفي حال لم توافق الأغلبية، يعتزم تسجيل اعتراض رسمي، وهو أمر نادر الحدوث من قبل أعضاء مجلس المحافظين.
المحافظة ميشيل بومان يُتوقع أن تنضم إليه، بعدما أعربت سابقًا عن دعمها لتخفيض قريب للفائدة إذا بقيت الضغوط التضخمية تحت السيطرة. كل من والير وبومان من تعيينات ترامب، وإذا اعترضا في الاجتماع، فستكون المرة الأولى منذ عام 1993 التي يشهد فيها الفيدرالي معارضة مزدوجة من داخل مجلس المحافظين.
ورغم ذلك، لا يُتوقع أن يتأثر باول كثيرًا، إذ لطالما رحّب بالنقاشات الداخلية واعتبرها وسيلة لمكافحة التفكير الجماعي. لكن أي انقسام علني قد يعقّد الإشارات المستقبلية الصادرة عن البنك في مرحلة حساسة من دورة السياسة النقدية.
الأسواق تتوقع خفضًا في سبتمبر إذا دعمت البيانات
لا تزال توقعات الفيدرالي تشير إلى خفضين محتملين في الفائدة هذا العام، وتُجمع الأسواق على أن اجتماع سبتمبر سيكون الفرصة الأبرز لذلك. ويؤكد صناع السياسة أنهم بحاجة إلى رؤية بيانات إضافية، لاسيما من سوق العمل والتضخم، قبل اتخاذ القرار.
رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، حذّرت من أن "الانتظار المفرط قد يؤدي إلى أخطاء في السياسة"، مشيرة إلى أن رد الفعل المتأخر على التضخم قد يُكلف الاقتصاد كثيرًا.
وفي حال لم يتحرك الفيدرالي في اجتماع يوليو، قد يُلمّح بوضوح إلى استعداده للتحرك في سبتمبر إذا أتت البيانات إيجابية. كما قال أحد المسؤولين السابقين: "إذا لم يتحركوا في هذا الاجتماع، فسيُلمّحون بشدة لإمكانية الخفض في الاجتماع المقبل".
لكن الغموض لا يزال يخيّم. قد تكون بيانات سبتمبر أقل حسمًا مما تأمل الأسواق، ما يُبقي الباب مفتوحًا لتأجيل أي خطوة.
ما الذي يعنيه ذلك للمستهلكين والاقتصاد؟
توقيت خفض الفائدة ومسبباته يهمّان المستهلكين كثيرًا. فإذا تم الخفض بسبب تراجع التضخم، قد تُخفف تكاليف الاقتراض دون التأثير سلبًا على الاقتصاد. أما إذا جاء كرد على تباطؤ اقتصادي، فقد لا يكون له التأثير الإيجابي نفسه، خاصة وسط مخاوف من فقدان الوظائف أو اضطرابات التجارة.
هناك نافذة زمنية لخفض الفائدة بدافع الأخبار الجيدة، لكن هذه النافذة قد تُغلق سريعًا إن لم نرَ تحسنًا ملموسًا في بيانات التضخم وسوق العمل بحلول سبتمبر.
وبينما تتصاعد حملة الضغط السياسي من البيت الأبيض، يواجه باول وزملاؤه تحديًا مزدوجًا: توجيه الاقتصاد الأمريكي وسط صدمات تضخمية وتجارية، والدفاع عن استقلالية وموثوقية الاحتياطي الفيدرالي.