تحديد حجم المركز المالي لإدارة المخاطر في التداول [مع مثال تطبيقي]
اكتسب المهارة في حماية استثماراتك والتقليل من مخاطر السوق من خلال تطبيق تحديد حجم المركز بدقة في عمليات التداول.
تحديد حجم المركز يمثل ركنًا أساسيًا في إدارة المخاطر، إذ يمكّن المتداولين من قياس القدر المناسب للاستثمار في كل صفقة بدقة
تعددت أساليب تحديد حجم المركز، بدءًا من اعتماد نسب معينة من المحفظة إلى الاستعانة بنماذج حسابية معقدة
على المتداولين انتقاء طريقة تحديد حجم المركز التي تنسجم مع درجة استعدادهم لتحمل المخاطر، مع تجنب الانسياق وراء الانفعالات
يسهم تطبيق استراتيجية تحديد حجم المركز في خفض مستويات المخاطر عبر التحكم في التعرض لكل صفقة، ويساعد على تحقيق الثبات وتحسين الأرباح على الأمد البعيد
مقدمة في تحديد حجم المركز
يشير تحديد حجم المركز إلى عملية تحديد مقدار رأس المال الذي يجب تخصيصه لصفقة معينة. هذه العملية تشكل جزءاً لا يتجزأ من إدارة مخاطر الأسواق المالية، وهي ضرورية لكل متداول يسعى لتعزيز فرصه في النجاح عند التداول عبر الإنترنت في الأسواق العالمية.
الغاية من تحديد حجم المركز هي الوصول إلى التوازن المثالي بين المخاطرة والمكافأة، مما يعين المتداولين على إنشاء محفظة متنوعة من خلال تخصيص الأموال لأصول متعددة وفئات مختلفة من الأصول المالية. لنأخذ مثالاً، يمكن لمتداول في سوق الفوركس يملك 3000 دولار في حسابه المخصص للتداول بالهامش أن يحدد، بعد تحليل دقيق، فرصة لشراء اليورو مقابل الدولار الأمريكي بنسبة مخاطرة إلى مكافأة تبلغ 1:2. وهذا يعني أن العائد المحتمل من هذه الصفقة قد يكون ضعف المبلغ المعرّض للخطر.
يتمثل تحديد حجم المركز في تحديد كمية المال التي يقرر المتداول المخاطرة بها من إجمالي رصيده البالغ 3000 دولار في حساب التداول. استثمار كامل المبلغ، أي 3000 دولار، في فرصة تجارية واحدة يمثل مخاطرة كبيرة؛ فإذا انعكس سعر السوق ضد توقعات المتداول، قد يتكبّد خسارة كامل المبلغ. أما إذا قرر المتداول المخاطرة بنسبة 1٪ فقط من رأس المال، أي 30 دولاراً في الصفقة الواحدة، وخسر، فسيبقى لديه 2970 دولاراً. مما يتيح للمتداول فرصة تنفيذ المزيد من الصفقات وإمكانية استرداد خسائره في صفقات أخرى. الاحتفاظ برأس المال في حساب التداول يعتبر أساسياً لضمان عدم إغلاق الصفقات بشكل تلقائي بسبب نقص الهامش المطلوب، خاصة في أوقات تقلبات السوق الشديدة.
ما هي العوامل التي يجب مراعاتها عند تحديد حجم المركز؟
الرغبة في المخاطرة
تحديد مستوى تحمل المخاطر قبل البدء في التداول يُعد خطوة ضرورية لكل متداول. يشير تحمّل المخاطر في التداول إلى قدرة الفرد واستعداده لتحمل الخسائر المحتملة داخل محفظته الاستثمارية أو في مراكز التداول الخاصة به. يمكنك تحديد رغبتك في المخاطرة من خلال الإجابة على هذا السؤال: ما مقدار الخسارة التي يمكنني تكبّدها في صفقة أو فترة معينة دون أن تؤثر على طريقة تداولي في الصفقة التي تليها؟
المتداولون ينقسمون في تحملهم للمخاطر إلى ثلاث فئات رئيسية: متحفظين أو معتدلين أو عدوانيين في المخاطرة. المتداولون المتحفظون، أو الذين يتجنبون المخاطر بشكل كبير، يضعون الأولوية للحفاظ على رأس المال ويفضلون عدم المخاطرة بشكل كبير بهدف الحصول على عوائد أعلى. هم عادةً ما يرضون بعوائد أقل مقابل تقليل المخاطر.
المتداولون ذوو الميل المعتدل إلى المخاطرة على استعداد لتحمل مستوى متوسط من المخاطر في أنشطتهم الاستثمارية. ويسعون إلى تحقيق توازن بين العوائد المحتملة ونسبة تعرضهم للمخاطر.
أما المتداولون العدوانيون، أو الباحثون عن المخاطر، فيستهدفون استراتيجيات نمو عالية العوائد وهم مستعدون لقبول درجات عالية من المخاطرة مقابل إمكانية تحقيق عوائد أعلى. هؤلاء المتداولون يتجهون غالبًا نحو استراتيجيات تركز على النمو والتي قد توفر زيادة كبيرة في رأس مالهم، ولكنها تأتي مع درجات عالية من التقلب أيضًا.
سيكولوجية التداول
يتطرق علم النفس في التداول إلى الجوانب النفسية والعاطفية المؤثرة على قرارات المتداول داخل الأسواق المالية. من الضروري أن يحافظ المتداول على صفاء ذهنه وتركيزه خلال عملية التداول لتحقيق النجاح. حيث أن المغامرة بصفقات تتجاوز قدرة تحمل المتداول قد تؤدي إلى حالة من الانفعال وعدم الراحة، مما يجعله معرضًا للوقوع في أخطاء مثل الإفراط في التداول أو التداول الانتقامي أو ملاحقة التغيرات السعرية دون استراتيجية واضحة.
عدم تحديد حجم المركز بدقة قد يؤدي بالمتداول إلى متابعة مستمرة للأسعار، وهي عملية مرهقة ومستنفدة للطاقة، وبالتالي يُصبح التداول عبئًا ومصدرًا للإجهاد. يمكن أن يؤدي هذا الإجهاد إلى اتخاذ قرارات متسرعة بناءً على التحيزات العاطفية، لذا يُعد الحفاظ على ذهن صافٍ أمرًا أساسيًا عند الاستثمار الإلكتروني في الأسواق المالية.
إدارة المخاطر المالية
تعبّر إدارة المخاطر في التداول عن الاستراتيجيات والأساليب التي يستخدمها المتداولون لخفض الخسائر المحتملة وحماية رأس مالهم خلال تنقلهم في الأسواق المالية. من المهم الاهتمام بإدارة مخاطر صفقاتك وتعلّم كيفية تحديد حجم المركز كإجراء لإدارة المخاطر المالية.
باستخدام استراتيجيات تحديد حجم المركز، تستطيع تطوير طريقة منظّمة لتقبل المخاطر، حيث تحدد مقدار رأس المال الذي ستُخاطر به في كل صفقة، سواء بتحديد مبلغ معين أو نسبة محددة من رأسمالك. هذا النهج يخفف من حدة التوتر عند تكبدك أي خسائر، إذ تكون، هذه الخسائر، نوعًا ما متوقَعة وضمن خطة مُحكمة للحفاظ على توازن ميزانيتك الإجمالية.
طرق متنوعة لتحديد حجم الصفقة
تحديد مبلغ ثابت
هذه الطريقة تتطلب من المتداول تحديد مبلغ معين للمخاطرة به في كل صفقة. مثلاً، قد يختار المتداول المخاطرة بـ 50 دولاراً من حسابه البالغ 3000 دولار لكل صفقة. هذا المبلغ يبقى ثابتاً لفترة محددة حتى يقوم المتداول بإعادة تقييم استراتيجيته لإدارة المخاطر.
التحدي المحتمل لهذا النهج يكمن في ازدياد نسبة المخاطرة بمرور الوقت إذا ما واجه المتداول سلسلة من الخسائر المتتابعة. حيث أن المخاطرة بمبلغ 50 دولارًا من رصيد 2950 دولار تعد نسبياً أعلى من المخاطرة بنفس المبلغ من رصيد 3000 دولار. كما يجب أن يكون المتداول واعياً لمخاطر التقلبات السعرية التي قد تؤثر بشكل كبير على الأصول المالية المتقلبة، مما يؤدي إلى تحقيق خسائر أو مكاسب أكبر.
تحديد نسبة مئوية من رأس المال
يعتمد هذا الأسلوب على حساب نسبة معينة من إجمالي رأس المال المتاح للتداول وتخصيصها لكل صفقة على حدة. مثلاً، قد يقرر المتداول المخاطرة بنسبة 2% في كل صفقة. إذا افترضنا أن إجمالي رأس ماله يساوي 3000 دولار ، هذا يعني أن مبلغ المخاطرة في الصفقة الأولى سيساوي 60 دولار.
في حالة تحقيق ربج بمقدار 100 دولار من الصفقة الأولى سيرتفع إجمالي رصيد هذا المتداول إلى 3100 دولار، وبالتالي، تُصبح نسبة المخاطرة في الصفقة التالية 62 دولارًا، وهي ما يساوي 2% من الرصيد الجديد.
يُمكن أن يواجه المتداولون الذين يفضلون الاحتفاظ بمراكزهم لفترات طويلة تحديًا خاصًا، إذ قد يكون من المناسب لهم حساب نسبة المخاطرة بناءً على إجمالي رأس المال، بما في ذلك الأرباح أو الخسائر غير المحققة من الصفقات المفتوحة، بدلاً من الاعتماد فقط على الرصيد النقدي في حساب التداول. هذا النهج يسمح بتقييم أدق للمخاطرة الفعلية المتعلقة بالمحفظة ككل.
استخدام حجم اللوت الثابت في التداول
هذه الاستراتيجية تعني اختيار حجم عقد ثابت لكل صفقة. هي خيار شائع للمتداولين بأرصدة صغيرة في حساباتهم. مثلاً، متداول برأس مال يبلغ 50 دولار قد يفضل استخدام أصغر حجم لوت ممكن (أي 0.01)، محسوباً بدقة لكل صفقة بناءً على تقدير المخاطر والعوائد المحتملة.
استراتيجيات تحديد حجم الصفقة المتقدمة
تشمل الأساليب المتقدمة لتحديد حجم الصفقة استخدام نماذج تحليلية معقدة مثل: تعديل حجم المركز بناءً على المخاطر، معيار كيلي، الحجم الأمثل لمركز F، تحديد حجم المركز بناءً على التقلب، ومتوسط تكلفة الدولار. من المهم إجراء دراسة وافية لهذه الطرق وتجربتها من خلال حساب تجريبي قبل الانخراط بها في الأسواق الحقيقية.
تعزيز استراتيجية إدارة المخاطر عبر تحديد حجم المركز المناسب
إن الهدف الأساسي لكل متداول هو الحفاظ على رأس ماله وسعيه لزيادته. المغامرة بمخاطر عالية قد تضع رأس المال في خطر النفاد، خاصةً في حالة تكبد الخسائر. بدون رأس مال كافٍ، يصبح استمرار التداول غير ممكن، أو قد يضطر المتداولون لإعادة تمويل حساباتهم للبقاء في السوق.
بالتالي، فإن تحديد حجم المركز يعتبر جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التداول والاستثمار. من خلال اختيار حجم الاستثمار بعناية في كل صفقة، يمكن للمتداولين التحكم في المخاطر بشكل أكثر فعالية وتحقيق أهدافهم المالية بطريقة مسؤولة.
تحديد حجم المركز لا يساعد فقط في إدارة المخاطر والحفاظ على رأس المال، بل يُسهم أيضًا في تحقيق التنويع في المحفظة الاستثمارية، وبناء استقرار في الأداء، وتعزيز العائدات المالية. تطبيق استراتيجية مُحكمة لتحديد حجم المركز يمكن أن يُعزز من فرص النجاح طويل الأمد في السوق. من المهم الإشارة إلى أن تحديد حجم المركز بمفرده لا يضمن النجاح في التداول؛ لذا يجب على المتداولين الاستعانة بأدوات واستراتيجيات إدارة مخاطر أخرى للحد من المخاطر وحماية استثماراتهم.
التدرب على استراتيجيات تحديد حجم المركز يمكن أن يتم من خلال حسابات تداول تجريبية، التي تسمح بإجراء الصفقات في السوق الحقيقي باستخدام أموال افتراضية. مما يتيح للمتداولين استكشاف طرق مختلفة لتحديد حجم المركز وتحديد الطريقة الأنسب لأسلوب التداول الخاص بهم ومستوى تقبلهم للمخاطر.
مثال عملي لتحديد حجم المركز
إليك مثال يوضح كيفية تحديد حجم المركز بشكل عملي. لنفترض أن حجم الحساب يبلغ 3000 دولار والمتداول قرر المخاطرة بنسبة 2%، أي أنه سيخاطر بمبلغ 60 دولار في كل صفقة.
لو أراد المتداول فتح مركز شراء على زوج EURUSD بسعر دخول 1.07260، وتحديد أمر وقف الخسارة عند 1.06860، فإن الفارق بين سعر الدخول ووقف الخسارة سيكون 40 نقطة (400 نقطة فرعية).
باستخدام هذه المعلومات، يمكن حساب حجم اللوت كالتالي:
حجم اللوت (LS) × حجم اللوت القياسي × سعر الدخول – حجم اللوت × حجم اللوت القياسي × سعر الخروج = مبلغ المخاطرة
حجم اللوت × 100,000 × 1.07260$ – حجم اللوت × 100,000 × 1.06860$ = 60$
حجم اللوت (107,260$ - 106,860$) = 60$
حجم اللوت × 400$ = 60$
إذًا حجم اللوت = 60$/ 400$ = 0.15
هذا يعني أنه بشراء لوت بحجم 0.15 من زوج اليورو دولار عند سعر 1.07260 وتحديد وقف الخسارة عند 1.06860، سيكون المبلغ المعرّض للخطر هو 60$.
ليس من الضروري إجراء هذه الحسابات يدوياً في كل مرة يرغب المتداول في تنفيذ صفقة؛ يمكنهم بدلًا من ذلك الاعتماد على حاسبة حجم المركز التي تُجري هذه الحسابات تلقائياً عند إدخال المعلومات المطلوبة. لقد قمنا بشرح هذه المعاددلة لغايات تسهيل فهم طريقة تحديد حجم الصفقة ومن المهم مراعاة أن هذه المعادلة لا تأخذ في الحسبان العمولات أو الرسوم التي قد تطبق على الصفقات.