الفيدرالي يقر أول خفض للفائدة منذ ديسمبر.. والانقسامات تكشف عمق الخلافات

قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (Fed) خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه لشهر سبتمبر، ليهبط النطاق المستهدف إلى 4.0%–4.25%. ورغم أن الخطوة كانت متوقعة، إلا أن التوقعات المرافقة كشفت عن انقسام واضح بين صناع القرار.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 18 سبتمبر 2025

Fed cuts rate
  • الفيدرالي يخفض الفائدة لأول مرة منذ ديسمبر بمقدار 25 نقطة أساس.

  • انقسام داخل لجنة الفيدرالي بين مؤيدين لمزيد من الخفض وآخرين لوقف مؤقت.

  • رفع توقعات نمو الناتج المحلي وخفض توقعات البطالة للسنوات المقبلة.

  • التضخم ما زال فوق الهدف، ما يعزز سيناريو "الفائدة المرتفعة لفترة أطول".

  • الأسواق تفاعلت بتذبذب بعد تجنب باول تقديم توجيهات مستقبلية واضحة.

خفض الفائدة يكشف الانقسام

قرار الفيدرالي بخفض الفائدة بعد تسعة أشهر من التثبيت جاء على أنه "إعادة معايرة" تهدف إلى حماية الوظائف في ظل إشارات التباطؤ، مع الإبقاء على الحذر تجاه التضخم. لكن التوافق داخل اللجنة كان محدودًا؛ الحاكم الجديد ستيفن ميران خالف الإجماع وطالب بخفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، فيما أظهر المخطط النقطي اختلافًا واسعًا: التوقع الوسطي يشير إلى خفضين إضافيين هذا العام، لكن قرابة نصف الأعضاء يرون خفضًا واحدًا فقط أو لا شيء.

التوقعات الاقتصادية: نمو أقوى وبطالة أقل

تقرير التوقعات الاقتصادية للفيدرالي تضمن تعديلات لافتة. تم رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 1.6% مقابل 1.4% سابقًا، ورفع توقعات 2026 إلى 1.8%. كما تم خفض توقعات البطالة، مع تقديرات عند 4.4% في 2026 و4.3% في 2027، ما يعكس ثقة بأن سوق العمل سيتماسك رغم التباطؤ الأخير.
لكن التضخم بقي المشكلة الأساسية؛ إذ رفع الفيدرالي توقعاته للتضخم الأساسي (PCE) في 2025 إلى 3.1% والعنواني إلى 3.0%، مع بقاء تقديرات 2026 عند 2.6%، ما يعني أن رحلة العودة إلى 2% ستظل بطيئة.

المخطط النقطي يكشف عمق الانقسام

المخطط النقطي أبرز الانقسام الحاد داخل اللجنة:

  • نقطة واحدة بقيت فوق النطاق بعد الاجتماع (تُفسر كرفض ضمني من رئيسة فيد كليفلاند بيث هاماك لخفض الفائدة).
  • ستة أعضاء لا يتوقعون أي خفض إضافي هذا العام.
  • اثنان يتوقعان خفضًا واحدًا إضافيًا.
  • تسعة يفضلون خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس حتى ديسمبر.
  • نقطة واحدة أشارت إلى خفض بمقدار 125 نقطة أساس، يُرجح أنها تعكس رؤية ميران الداعية إلى خفض أكبر.
    هذا التوزيع الواسع يُظهر ليس فقط خلافًا حول مسار الفائدة القريب، بل أيضًا غموضًا حول السياسة حتى 2026–2027.
dot plot - Sep meeting

الأسواق تتفاعل بحذر

الأسواق المالية أظهرت تذبذبًا بعد القرار. مؤشر الدولار تراجع 0.5% مباشرة بعد الإعلان ثم تعافى أثناء مؤتمر باول الصحفي. عوائد السندات انخفضت ثم عادت لترتفع قليلًا، حيث استقر العائد على السندات لأجل عامين تقريبًا، بينما ارتفع العائد على العشر سنوات بمقدار 1.7 نقطة أساس. أما مؤشر S&P 500 فقد تراجع 0.8% قبل أن يستعيد خسائره. هذه التحركات تعكس شكوك المستثمرين: هل هذا بداية دورة خفض ممتدة، أم مجرد خطوة واحدة لامتصاص المخاطر؟

رسالة باول: الحذر والمرونة

رئيس الفيدرالي جيروم باول أكد في مؤتمره الصحفي أن التباطؤ في التوظيف أصبح واضحًا، خاصة مع مراجعات البيانات السابقة وارتفاع طلبات إعانات البطالة، لكنه شدد أيضًا على أن التضخم ما زال فوق الهدف وأن الرسوم الجمركية ستبقي الأسعار تحت الضغط في 2026. باول تجنب التوجيه المسبق الواضح، وفضل وصف القرار بأنه "إعادة معايرة" مع التأكيد أن السياسة ستظل مرهونة بالبيانات المقبلة.

موازنة مخاطر العمل والتضخم

القرار يعكس معضلة الفيدرالي: سوق العمل يضعف بوضوح مع أبطأ وتيرة توظيف منذ سنوات، فيما التضخم يتباطأ لكنه لا يزال عند 3.1% للتضخم الأساسي. هذا المزيج يثير مخاوف من سيناريو "الركود التضخمي" حيث يتباطأ النمو بينما تظل الأسعار مرتفعة. الفيدرالي يحاول الآن دعم التوظيف دون إشعال توقعات التضخم من جديد.

قرار سبتمبر يمثل أول خفض للفائدة منذ ديسمبر، لكنه جاء وسط انقسامات داخلية عميقة حول المسار القادم. بعض الأعضاء يدفعون نحو خفض أسرع، فيما يتمسك آخرون بضرورة التريث حتى يتراجع التضخم بوضوح. الرسالة للأسواق واضحة: خفض واحد الآن، ولا وعود لما بعده.