الذهب والفضة يسجلان مستويات قياسية وسط مخاوف ائتمانية وتوترات أمريكية–صينية

اندفعت أسعار الذهب والفضة إلى قمم تاريخية يوم الجمعة، مع تصاعد المخاوف الائتمانية في القطاع المصرفي الأميركي وتجدد التوترات بين واشنطن وبكين، مما أعاد إشعال شهية المستثمرين للملاذات الآمنة. سجل الذهب مستوى قياسياً بلغ 4,380 دولاراً للأونصة، بينما اخترقت الفضة سقفها التاريخي الممتد لأربعة عقود لتصل إلى 54.45 دولاراً.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 17 أكتوبر 2025

Gold hit record highs
  • الذهب يلامس 4,380 دولاراً والفضة تصل إلى 54.45 دولاراً في قمم تاريخية.

  • الضغوط الائتمانية في البنوك الإقليمية الأميركية والتوترات مع الصين تعزز تدفقات الملاذات الآمنة.

  • الأسواق تُسعّر خفضاً كبيراً للفائدة من الفيدرالي قبل نهاية العام.

  • المعادن الثمينة تسجل أقوى أداء أسبوعي منذ عام 2020.

ارتفاع تاريخي في سوق المعادن الثمينة

قد ينهي الذهب والفضة الأسبوع عند مستويات قياسية، مواصلين موجة الصعود التي بدأت في أغسطس وتسارعت مع تصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق.
ارتفع الذهب يوم الجمعة بنسبة 1.2% ليبلغ مستوى قياسياً عند 4,379.93 دولاراً للأونصة قبل أن يتراجع قليلاً لاحقاً، فيما اخترقت الفضة قمتها التاريخية لعام 1980 لتصل إلى 54.45 دولاراً.
هذا الارتفاع مثّل أكبر مكاسب أسبوعية للمعادن الثمينة منذ ما يقرب من خمس سنوات. كما سجّل البلاتين والبلاديوم ارتفاعات قوية بدعم من الطلب الواسع على الأصول الآمنة وتراجع السيولة في الأسواق العالمية.

Gold - Weekly price change

المخاوف الائتمانية تعيد المستثمرين إلى الأمان

تصاعدت المخاوف بعد أن كشف مصرفان إقليميان أميركيان عن مخالفات في القروض مرتبطة باحتمالات احتيال، ما أعاد تسليط الضوء على جودة الائتمان في بعض أجزاء النظام المالي.
جاء ذلك في وقت عطّل فيه الإغلاق الحكومي صدور البيانات الاقتصادية الرسمية، ما قلّص الرؤية أمام المستثمرين ورفع مستويات الحذر.
في ظل هذا الغموض، اتجه المتداولون إلى الذهب والفضة كمقاييس موثوقة للثقة في السوق. الجمع بين محدودية البيانات وازدياد القلق الائتماني أعاد إشعال التدفقات نحو الأصول الملموسة، التي تُعد ملاذاً تقليدياً في فترات الضباب المالي.

توتر جيوسياسي يعمّق المخاطر

ازدادت حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين بعد تبادل حاد بين المسؤولين الاقتصاديين في البلدين.
وزارة التجارة الصينية وجهت انتقادات علنية لواشنطن بسبب استخدام التهديدات التجارية، محذّرة من أن التصعيد سيضر بكلا الاقتصادين.
وجاء هذا التطور بعد أقل من أسبوع على استئناف النقاشات حول الرسوم الجمركية والقيود على الصادرات، ما أعاد إلى الأذهان أجواء الحرب التجارية.
المستثمرون الذين راهنوا على انفراجة في العلاقات الثنائية اضطروا إلى إعادة تموضع سريع، مما زاد من الطلب على المعادن كملاذ آمن.

توقعات خفض الفائدة تدعم موجة الصعود

التوقعات القوية بأن الفيدرالي سيُقدِم على خفض إضافي للفائدة هذا العام شكّلت رياحاً داعمة للذهب والفضة.
المتداولون يُسعّرون احتمال تنفيذ خفض كبير بحلول ديسمبر، مع توقعات لدى البعض بمزيد من الخفض في مطلع 2026.
رئيس الفيدرالي جيروم باول أكد أن البنك المركزي لا يزال على المسار نفسه للتيسير مجدداً هذا الشهر، مشيراً إلى ضعف سوق العمل كمبرر للحذر.
خفض الفائدة يقلل من قوة الدولار ويخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب والفضة، ما يفسر استمرار الزخم القوي في سوق المعادن.

اختراق الفضة يعمّق أزمة السيولة في لندن

كان صعود الفضة لافتاً بشكل خاص، بدفع من عوامل كلية وهيكلية معاً. فقد قفزت الأسعار بنحو 87% منذ بداية 2025، بدعم من تدفقات المستثمرين، والطلب الصناعي القوي، والنقص الحاد في السيولة بالسوق اللندنية.
انخفضت مستويات السيولة في سوق لندن إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، مما دفع الأسعار المحلية لتسجّل علاوات تتجاوز دولاراً واحداً فوق أسعار العقود في نيويورك.
وخلال الأسبوع الماضي، تم سحب أكثر من 15 مليون أونصة من المخازن المرتبطة بـ COMEX، في واحدة من أكبر عمليات السحب في الذاكرة الحديثة، لتغطية نقص الإمدادات في الخارج.
ورغم تراجع الفضة بنسبة 0.5% في جلسة آسيا يوم الجمعة، فإنها قد تنهي الأسبوع مرتفعة بأكثر من 7%، ما يعكس قوة الزخم في السوق.

عودة إلى الأصول الحقيقية وسط ضباب متزايد

توازي ارتفاع الذهب والفضة يعكس تحوّلاً أعمق نحو الأصول الحقيقية، مع تراجع الثقة في استقرار السياسات.
البنوك المركزية تواصل تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأميركي، في حين توسّع المؤسسات الاستثمارية حيازاتها من السبائك المادية وصناديق المعادن الثمينة كتحوّط ضد ارتفاع المديونية وعدم اليقين المالي والتدخلات السياسية.
الذهب ارتفع بنحو 65% هذا العام، مدعوماً بمشتريات البنوك المركزية وتدفقات الصناديق ومخاوف الائتمان المتصاعدة، بينما تفوقت الفضة على هذه المكاسب بفضل أهميتها الصناعية في مجالات الطاقة النظيفة وأشباه الموصلات، إلى جانب دورها كـ “معدن عالي الحساسية” خلال فترات التوتر النظامي.

Gold and silver soar

تقلبات قصيرة الأجل… واتجاه صاعد هيكلياً

رغم أن الذهب والفضة يبدوان الآن في مناطق شراء مفرطة من الناحية الفنية، يرى المحللون أن الاتجاه العام لا يزال صاعداً هيكلياً.
أي تأكيد إضافي على خفض الفائدة أو تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين قد يدفع الذهب نحو 4,500 دولار والفضة إلى ما يتجاوز 56 دولاراً.
التقلبات القصيرة تبقى واردة، خصوصاً إذا هدأت المخاوف الائتمانية أو عادت البيانات الاقتصادية للظهور، لكن من غير المرجح أن تختفي العوامل الأساسية الدافعة—مثل الضغوط المالية والتوترات التجارية وعدم اليقين السياسي—بسرعة.
حالياً، استعادت المعادن الثمينة دورها التاريخي كملاذ نهائي للثقة. فعندما تهتز الثقة في الائتمان أو السياسة أو البيانات، يعود المستثمرون إلى ما اعتُبر دوماً المخزن الحقيقي للقيمة.