باول يُلمّح إلى خفض جديد للفائدة مع تزايد الضغوط من ضعف التوظيف

أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول إلى أن البنك المركزي ما زال على المسار نحو خفض جديد لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه المرتقب هذا الشهر، رغم أن الإغلاق الحكومي المستمر يُعقّد مهمة قراءة الوضع الاقتصادي بدقة. وفي كلمته خلال مؤتمر «الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال»، أقر باول بأن وتيرة التوظيف فقدت زخمها، محذراً من أن استمرار تراجع الوظائف الشاغرة قد ينعكس قريباً على معدلات البطالة.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 6h ago

Powell signals another fed cut
  • باول: تباطؤ التوظيف يرفع «مخاطر الهبوط» في سوق العمل.

  • الأسواق تُسعّر بالكامل خفضاً جديداً للفائدة في اجتماع 28–29 أكتوبر.

  • الإغلاق الحكومي يعطّل وصول الفيدرالي إلى البيانات الرسمية.

  • باول يلمّح إلى احتمال وقف تقليص الميزانية العمومية للحفاظ على السيولة.

مسار السياسة مستقر رغم الضبابية

أكد باول أن الفيدرالي ماضٍ في مسار التيسير النقدي، مشيراً إلى أن خفضاً جديداً للفائدة يُرجح أن يُعلن في اجتماع أكتوبر، استمراراً للخط الذي وُضع في سبتمبر، عندما خفّض صانعو السياسة أسعار الفائدة لأول مرة هذا العام وتوقعوا خفضين إضافيين بحلول ديسمبر.
وقال باول إن «التوقعات الاقتصادية لم تتغير بشكل جوهري»، مشيراً إلى أن التضخم ما زال أعلى من المستوى المستهدف، لكن ضعف سوق العمل أصبح يمثل خطراً أكبر على التعافي.
الأسواق المالية فسّرت تصريحاته على أنها تأكيد لخفض وشيك بمقدار 25 نقطة أساس، حيث تعكس العقود الآجلة احتمالاً يقارب 100% لاتخاذ هذا القرار.

interest rate cut possibility

تباطؤ التوظيف يضغط على البطالة

حملت تصريحات باول تحولاً ملحوظاً في النبرة، مع التركيز على مخاطر انتقال تباطؤ التوظيف إلى ارتفاع البطالة. وقال: «نحن عند نقطة قد يؤدي فيها مزيد من الانخفاض في الوظائف الشاغرة إلى ظهور ذلك في أرقام البطالة».
ورغم أن معدل البطالة لا يزال عند 4.3%، حذّر باول من أن متانة سوق العمل قد تكون في تراجع. وتشير بيانات شركات خاصة إلى تراجع في خلق الوظائف وارتفاع في حالات التسريح بعدة قطاعات.
وقالت يلينا شولياتيفا، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في «كونفرنس بورد»، إن «مخاطر جانب التوظيف تتزايد، وهذا ما سيقود القرار في المدى القريب».
وكان خفض الفائدة في سبتمبر إلى نطاق 4.00%–4.25% قد استهدف امتصاص هذه المخاطر، لكن مع تأجيل وزارة العمل تقرير الوظائف بسبب الإغلاق، يُجبر صانعو السياسة على الاعتماد على بيانات القطاع الخاص وإشارات الأسواق بدلاً من الأرقام الرسمية.

مأزق البيانات

أحدث الإغلاق الحكومي فجوة نادرة في قدرة الفيدرالي على اتخاذ قراراته بناءً على معلومات دقيقة. فقد تم تأجيل أو تعطيل عدد من المؤشرات الأساسية، مثل بيانات التضخم والعمالة. ووصف باول البيانات الرسمية بأنها «المعيار الذهبي»، مؤكداً أنه لا يوجد بديل خاص يمكن أن يحل مكانها.
وقال: «لا نتوقع أن نتمكن من تعويض البيانات التي نفتقدها، وإذا استمر ذلك لفترة، فستصبح المهمة أكثر صعوبة». هذه الضبابية تُعقّد مهمة الفيدرالي في موازنة هدفيه المزدوجين: استقرار الأسعار وتحقيق أقصى توظيف ممكن. فبينما لا يزال التضخم فوق الهدف البالغ 2%، فإن تراجع الطلب على العمالة يهدد بدفع الاقتصاد نحو الركود.

انقسامات متزايدة داخل الفيدرالي

رغم ثقة باول الظاهرة في اتجاه السياسة النقدية على المدى القريب، إلا أن الخلافات داخل لجنة السوق المفتوحة تتسع. ففي سبتمبر، أبدى 9 من أصل 19 مسؤولاً تفضيلهم لإجراء خفض واحد إضافي أو أقل خلال هذا العام. تعكس هذه الانقسامات تبايناً في الرؤى بشأن سرعة عودة التضخم إلى المستوى المستهدف، وما إذا كان التباطؤ الحالي يستدعي دورة تيسير أعمق.

هذه الإشارات المتباينة تكشف عن حالة عدم يقين متنامية حول المسار الطويل الأمد للفائدة، في وقت «لا أحد يعرف بالضبط إلى أين نتجه».

CME goup

السيولة والميزانية العمومية

إلى جانب أسعار الفائدة، لمح باول إلى احتمال أن يوقف الفيدرالي قريباً عملية تقليص ميزانيته العمومية، وهي خطوة مهمة للحفاظ على استقرار أسواق التمويل قصيرة الأجل.
منذ 2022، يعمل البنك المركزي على تقليص حيازاته من الأصول ضمن برنامج «التشديد الكمي»، لكن المسؤولين يخشون الآن من أن استمرار هذا التقليص قد يستنزف السيولة أكثر من اللازم مع اقتراب احتياطيات البنوك من المستويات الكافية.
هذا التحول سيكون دقيقاً لكنه ذو دلالة كبيرة، إذ يعبّر عن تفضيل الاستقرار المالي على الاستمرار الصارم في تقليص الميزانية. وقد رأت الأسواق في تصريحات باول إشارة إلى أن الفيدرالي يستعد لإجراء تعديلات دقيقة على ظروف السيولة مع اقتراب عام 2026.

موازنة المخاطر والقيود

مع اقتراب اجتماع أكتوبر، يواجه الفيدرالي معادلة معقدة: التوقف المبكر قد يهدد سوق العمل، في حين أن خفضاً أكبر من اللازم قد يشعل الضغوط التضخمية مجدداً.
حتى الآن، تشير تصريحات باول إلى تبني نهج حذر: تيسير كافٍ لدعم النمو، لكن دون إفراط يضر بالمصداقية.
وفي ظل الشلل السياسي الذي يُقيّد الرؤية المالية، وانقطاع البيانات الذي يحد من وضوح الصورة، تدخل السياسة النقدية مرحلة اختبار دقيقة.

الفيدرالي يطير في الظلام… لكنه لا يفعل ذلك بلا بوصلة.