ارتفاع مبيعات التجزئة في بريطانيا مجددًا متحدّية مخاوف التباطؤ ومُعزّزة لتوقعات النمو

قدّم قطاع التجزئة البريطاني دفعة غير متوقعة للاقتصاد في سبتمبر، محققًا الشهر الرابع على التوالي من النمو. فقد ارتفعت حجم المبيعات بنسبة 0.5% مقارنة بشهر أغسطس، متجاوزة التوقعات التي رجّحت تراجعًا، مع استمرار المستهلكين في الإنفاق رغم الطقس البارد وتزايد التكهّنات حول زيادات ضريبية محتملة قبل ميزانية نوفمبر. وتشير البيانات إلى أن صلابة الطلب الاستهلاكي قد تخفف من تباطؤ سوق العمل وتوفر دعمًا متواضعًا للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 24 أكتوبر 2025

UK retail sales rise again
  • مبيعات التجزئة البريطانية ارتفعت 0.5% في سبتمبر، متجاوزة التوقعات بالتراجع.

  • مبيعات السلع غير الغذائية والسلع المنزلية قفزت 0.9%.

  • ثقة المستهلكين بلغت أعلى مستوى منذ عام 2022.

  • الإنفاق الاستهلاكي قدّم مساهمة إيجابية في نمو الناتج المحلي خلال الربع الثالث.

إنفاق مستقر رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة

في مؤشر نادر على متانة الاقتصاد البريطاني، واصلت أنشطة التجزئة توسّعها خلال سبتمبر، لتُمدد موجة المكاسب التي بدأت منذ أوائل الصيف.
ووفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، ارتفع إجمالي حجم المبيعات — بما يشمل المشتريات داخل المتاجر وعبر الإنترنت — بنسبة 0.5% على أساس شهري، بعد تعديل ارتفاع أغسطس إلى 0.6%.

UK Retail Sales Unexpectedly Rise

وجاءت الأرقام أقوى بكثير من توقعات الاقتصاديين الذين رجّحوا انكماشًا بـ0.4%، لترتفع أنشطة التجزئة إلى أعلى مستوياتها منذ منتصف 2022.
الجنيه الإسترليني تلقّى دعمًا مؤقتًا عقب صدور البيانات، مرتفعًا نحو 1.33 دولار مع قيام المتعاملين بتعديل توقعاتهم للنمو في الربع الثالث.

مرونة المستهلكين وقوة المدخرات

أظهرت تقارير التجزئة أن الأسر البريطانية حافظت على وتيرة إنفاق قوية رغم الطقس البارد والممطر.
وسجلت مبيعات السلع غير الغذائية ارتفاعًا بـ0.9%، بينما شهدت متاجر الأدوات المنزلية انتعاشًا ملحوظًا يعكس عودة الطلب على السلع المعمّرة.

كما أدّى الأداء القوي لمتاجر الإنترنت، ولا سيما في قطاع المجوهرات، إلى تعزيز النشاط، إذ يبدو أن المستهلكين سارعوا بالشراء حتى ضمن ارتفاع أسعار الذهب وتصاعد عدم اليقين المرتبط بالتضخم.

ويشير الاقتصاديون إلى أن مدخرات الأسر المتراكمة خلال فترة الجائحة ما زالت توفر قوة دعم للإنفاق،
ما يسمح للمستهلكين بالحفاظ على مشترياتهم الاختيارية رغم ارتفاع تكاليف الاقتراض.
هذه المرونة ساهمت في أن يكون الإنفاق الاستهلاكي أحد أبرز الداعمين للناتج المحلي خلال الربع الثالث — في أقوى مساهمة منذ مطلع 2024.

عودة الثقة قبيل ميزانية نوفمبر

مؤشرات الثقة الاستهلاكية تُظهر تحسّنًا ملحوظًا. فقد ارتفع مؤشر GfK لثقة المستهلكين بنقطتين ليصل إلى -17 في أكتوبر، مسجلاً أفضل قراءة له منذ أكثر من عام.
المؤشر الفرعي لنية شراء السلع مرتفعة القيمة سجّل أعلى مستوى منذ أوائل 2022، ما يشير إلى عودة شهية الشراء تدريجيًا.

ويأتي هذا التحسّن رغم التكهّنات بزيادة الضرائب في ميزانية المستشارة راشيل ريفز المقررة في 26 نوفمبر.
حتى الآن، يبدو أن الأسر البريطانية غير قلقة، ويعتقد محللو التجزئة أن تحسّن الثقة قد يستمر إذا استقرت معدلات التضخم وظلّت خسائر الوظائف محدودة.

البيئة الاقتصادية الأوسع: النمو يتباطأ دون أن يتوقف

رغم أن بريطانيا كانت الأسرع نموًا بين دول مجموعة السبع في النصف الأول من عام 2025، إلا أن الزخم بدأ يتراجع في الأشهر الأخيرة.
ضعف سوق العمل وتراجع ثقة الأعمال دفعا المستثمرين إلى تجديد الرهانات على خفضٍ محتمل في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا قبل نهاية العام.

لكن البنك يواجه معادلة دقيقة:
خفض الفائدة مبكرًا قد يشعل التضخم مجددًا،
بينما الإبقاء على التشديد قد يخنق الطلب الاستهلاكي في وقتٍ بدأت فيه مؤشرات الانتعاش بالظهور.
ولهذا، يتابع صناع السياسة بحذر تطورات السياسة المالية، خصوصًا أي تعديلات ضريبية قد تؤثر على مكاسب القطاع.

التجزئة تظلّ ركيزة الاستقرار الهادئ للاقتصاد البريطاني

رغم حالة الغموض المستمرة، تعكس البيانات الأخيرة صورة أكثر تفاؤلاً للمستهلك البريطاني. فصلابة الإنفاق، ونمو الأجور المعتدل، وتحسّن المعنويات تساعد على تعويض ضعف القطاعات الأخرى في الاقتصاد.

لكن اقتصاديين يحذّرون من أن استمرار التعافي في التجزئة لن يكون مستدامًا ما لم تُحقَّق مكاسب في الإنتاجية أو نمو أقوى في الأجور.
ومع ذلك، تبقى الأوضاع المالية للأسر أفضل من الفترات الانكماشية السابقة، ومع تراجع الضغوط التضخمية تدريجيًا، قد يواصل قطاع التجزئة أداءه كـدعامة هادئة ولكن مهمة لنمو الاقتصاد البريطاني مع اقتراب فصل الشتاء.