ما التالي للعملات الرقمية؟ سيولة الفيدرالي تعيد إشعال التساؤلات

التحول المفاجئ في سياسة الفيدرالي الأميركي نحو التيسير الكمي مجددًا قد يفتح الباب أمام موجة صعود قوية في سوق العملات الرقمية، إذ تعود السيولة للتدفق عبر الأسواق بعد عامين من التشديد. لكن مع تقييمات مرتفعة وتضخم ما زال عنيدًا، يحذر المحللون من أن الطفرة المقبلة قد تتحول إلى فقاعة جديدة تشبه تلك التي شهدها العالم في 2021.

7 نوفمبر 2025

مركز العملات الرقمية
  • الفيدرالي سيستأنف التيسير الكمي في ديسمبر، منهيا مرحلة التشديد النقدي.

  • السيولة الجديدة يُتوقع أن ترفع الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية.

  • محللون يحذرون من تكون فقاعة جديدة في ظل التقييمات المرتفعة.

  • بيتكوين وإيثيريوم مرشحتان لقيادة موجة صعود تقودها السيولة مثل دورة 2020.

الفيدرالي يغيّر المسار ويعود إلى ضخ السيولة

بعد عامين من سحب السيولة من الأسواق، يستعد الاحتياطي الفيدرالي لعكس الاتجاه. فقد أعلن جيروم باول أن البنك المركزي سينهي عملية تقليص ميزانيته العمومية في الأول من ديسمبر، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من التيسير الكمي.

قال باول في تصريحاته الأخيرة: “خطتنا المعلنة دائمًا كانت إيقاف تقليص الميزانية عندما تصل الاحتياطيات إلى مستوى نراه مناسبًا للسيولة الكافية، ويبدو أننا بلغنا هذا المستوى.” ورغم وصفه القرار بأنه “تعديل تقني”، قرأه المستثمرون كإشارة واضحة إلى أن دورة التشديد قد انتهت فعليًا.

عودة الفيدرالي إلى شراء الأصول أو السماح بتجدد السيولة عبر الأوراق المالية المستحقة ستضخ أموالًا جديدة في النظام المالي، ما يسهّل الأوضاع الائتمانية ويخفض كلفة الاقتراض. هذا التحول لا يعكس تغييرًا فنيًا فقط، بل تحولًا نفسيًا أيضًا: من أولوية محاربة التضخم إلى حماية استقرار الأسواق — وهي إشارة كافية لإيقاظ شهية المضاربة التي طبعت مرحلة ما بعد 2020.

Fed balance sheet

العملات الرقمية أول المستفيدين من عودة السيولة

في عالمٍ تفيض فيه السيولة، نادرًا ما يستجيب أي قطاع بسرعة كالعملات الرقمية. فبيتكوين وإيثيريوم تُعتبران المؤشرين الأوضح على حالة السيولة العالمية، وغالبًا ما تكونان أول المستفيدين من أي موجة تيسير نقدي.

إذا انطلق التيسير الكمي كما هو مخطط، يتوقع المحللون سلسلة من التفاعلات المتتابعة: عودة رؤوس الأموال المؤسسية إلى الأصول الرقمية، توسع في حجم الإصدارات المستقرة (Stablecoins)، وزيادة شهية المخاطرة التي تمتد إلى العملات الصغيرة و”الميم كوينز”.

حينها سيعود الخطاب المعروف في الأسواق — “آلة الطباعة تعمل من جديد” — لتغذية المضاربة على التحوط من التضخم، وظهور العملات المشفرة كرمزٍ لمرحلة تفاؤل جديدة تقودها السيولة. بالنسبة للمضاربين قصيري الأجل، قد تكون هذه أقوى موجة صعود منذ دورة 2020 عندما ارتفعت بيتكوين من عشرة آلاف إلى سبعين ألف دولار في عام واحد. لكن كما هو معروف، السيولة ترفع كل شيء — حتى الفقاعات.

Bitcoin 7-11-2025

الفقاعة المحتملة

البيئة الاقتصادية اليوم تختلف جذريًا عن تلك التي أعقبت صدمة الجائحة. الاقتصاد الأميركي ما زال ساخنًا: تقييمات الأسهم عند مستويات قياسية، سوق العمل مشدود، والتضخم قريب من 3%. ضخ مزيد من السيولة في مثل هذه الأجواء قد يدفع الأصول إلى مناطق تضخمية مفرطة تتجاوز قيمها الحقيقية.

مزيج السياسة النقدية السهلة والعجز المالي الكبير وارتفاع مستويات المديونية قد يخلق موجة تسعير غير منضبطة في أسواق المخاطر، لتصبح العملات الرقمية مجددًا رمزًا لمرحلة “الوفرة المالية المتهورة”.

ويحذر المخضرمون في السياسة النقدية من أن التيسير في ذروة القوة أخطر بكثير من التيسير في فترات الضعف. فإذا عاد التضخم للاشتعال، سيُجبر الفيدرالي على تشديد سريع، ما يخلق صدمة سيولة معاكسة تطيح بالمراكز المدينة وتدفع الأسواق إلى تصحيح عنيف — من الأسهم إلى السندات وصولًا إلى العملات المشفرة.

نشوة مؤقتة قبل الانعطاف

حتى الآن، الأسواق تحتفل بعودة السيولة. ارتباط بيتكوين بالمعروض النقدي العالمي ازداد مجددًا، ومؤشرات التقلب تشير إلى تفاؤل متجدد بين المستثمرين. لكن السؤال الأعمق هو: هل نحن أمام بداية دورة مستدامة جديدة، أم أمام الفصل الأخير في قصة الصعود التي غذّتها السيولة؟

تاريخيًا، كل موجة تيسير تحمل في طياتها فرصًا ومخاطر. السيولة التي تشجع الابتكار والمخاطرة هي نفسها التي تنفخ الفقاعات قبل انفجارها.

وإذا أطلق الفيدرالي فعلاً برنامجه الجديد في ديسمبر، فقد نشهد موجة ازدهار رقمية جديدة — لكنها، في العمق، قد تكون آخر موجة تفاؤل كبرى قبل انعطاف الدورة في حال المبالغة.