لماذا يتباين التضخم في بريطانيا عن منطقة اليورو؟

قفز التضخم في المملكة المتحدة إلى 3.8% في يوليو 2025، أي أكثر من ضعفي مستواه قبل عام، بينما بقي التضخم في منطقة اليورو قريبًا من هدف البنك المركزي الأوروبي عند 2%. الفجوة المتسعة تعكس عوامل هيكلية تتعلق بأسعار الطاقة، نمو الأجور، والضرائب، تجعل بريطانيا تسلك مسارًا مختلفًا عن جيرانها الأوروبيين.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 3 سبتمبر 2025

UK Economy
  • تضخم بريطانيا ارتفع من 1.7% في سبتمبر 2024 إلى 3.8% في يوليو 2025، مقابل استقرار اليورو قرب 2%.

  • آلية تسعير الطاقة في بريطانيا وربطها بسقف تنظيمي ربع سنوي أدت إلى تقلبات أكبر مقارنة بنظام التسعير في منطقة اليورو.

  • الزيادات الضريبية، الأسعار المنظمة، ونمو الأجور "العنيد" كلها عززت الضغوط التضخمية.

  • لردم الفجوة، تحتاج بريطانيا إلى تباطؤ إضافي في الأجور وغياب الزيادات الاستثنائية في الأسعار المنتظمة.

  • بنك إنجلترا يخشى أن استمرار نمو الأجور الحقيقية قد يرسخ التضخم لفترة أطول.

فجوة التضخم تتسع

في سبتمبر 2024، كان التضخم متساويًا تقريبًا بين بريطانيا ومنطقة اليورو عند 1.7%. لكن بعد عام فقط، تضاعف المعدل البريطاني إلى 3.8% بينما بقي التضخم الأوروبي قريبًا من 2%. الفجوة البالغة نحو نقطتين مئويتين هي من الأكبر في السنوات الأخيرة.

العامل الأبرز هو الطاقة. ففواتير الأسر في المملكة المتحدة ترتبط بسقف تنظيمي تحدده هيئة Ofgem كل ثلاثة أشهر، ما يعني أن تغيرات أسعار الجملة لا تنعكس مباشرة بل بتأخير. أما دول اليورو فتقوم بتمرير تغيرات الأسعار بسرعة أكبر عندما تكون مستدامة.
في 2024، أدت الانخفاضات الحادة في أسعار الطاقة إلى خفض التضخم بشكل مصطنع في بريطانيا، لكن مع تلاشي هذه القاعدة في 2025، ظهرت الضغوط الأساسية بوضوح.

UK Economy

المصدر: بلومبيرغ

ما وراء الطاقة: الأجور والضرائب والأسعار المنظمة

  • الأجور: نمو أجور القطاع الخاص في بريطانيا بلغ 5.5% مطلع 2025، مقارنة بـ 3.8% في منطقة اليورو. رغم بعض التباطؤ، لا تزال تسويات الأجور مرتفعة خصوصًا في قطاع الخدمات.
  • الضرائب والتنظيم: فرض ضريبة القيمة المضافة على المدارس الخاصة، وزيادة رسوم المركبات، وارتفاع أسعار المياه كلها أضافت نحو 0.3 نقطة مئوية للتضخم السنوي.
  • خدمات: على عكس منطقة اليورو حيث تباطأ تضخم الخدمات، بقي في بريطانيا ثابتًا بسبب تكاليف العمالة المرتفعة ومساهمات التأمين الوطني.

هذه العوامل مجتمعة منعت التضخم البريطاني من التراجع بما يتماشى مع أوروبا.

لماذا يقلق بنك إنجلترا؟

القلق الأكبر للبنك المركزي هو مقاومة الأجور. العمال البريطانيون استطاعوا الحفاظ على دخولهم الحقيقية بشكل أفضل من نظرائهم الأوروبيين. فمنذ 2019، ارتفعت الأجور الحقيقية في بريطانيا بنحو 5%، بينما بقيت مستقرة تقريبًا في منطقة اليورو.

هذا يعزز القدرة الشرائية للأسر لكنه يرفع خطر ترسيخ توقعات التضخم. فإذا استمر العمال في المطالبة بأجور أعلى لحماية دخولهم، فإن التضخم قد يبقى عالقًا لفترة أطول، ما يعقد مهمة بنك إنجلترا.

ما المطلوب لردم الفجوة؟

لتضييق الفجوة بين بريطانيا وأوروبا، يجب أن تتوافر عدة شروط:

  1. انتهاء الزيادات الاستثنائية في الأسعار المنظمة مثل الضرائب والرسوم.
  2. تباطؤ نمو الأجور إلى ما دون 4% بنهاية العام، بما يقربه من مستويات منطقة اليورو.
  3. استقرار أسعار الطاقة بحيث لا يفاقم نظام التسعير الربع سنوي التضخم.

لكن المخاطر قائمة. فإذا استمرت الأسر والشركات في توقع ارتفاع الأسعار، قد تظل الفجوة قائمة حتى 2026.

التباين بين التضخم البريطاني والأوروبي ليس مسألة طاقة فقط، بل نتاج عوامل هيكلية في الأجور والضرائب وتصميم السياسات. وحتى مع انحسار آثار المقارنات السنوية، سيظل بنك إنجلترا مطالبًا بالحذر من خطر ترسخ عقلية تضخمية.

بريطانيا اليوم على مفترق طرق: إما أن يتباطأ نمو الأجور وتنحسر الضغوط التنظيمية لتعود إلى مسار الـ2%، أو يستمر التضخم على مسار مغاير لأوروبا حتى عام 2026.