القطاع الخاص في منطقة اليورو يسجّل أسرع وتيرة نمو منذ أكثر من عام
اقتصاد منطقة اليورو استعاد بعض الزخم في سبتمبر، حيث سجّل النشاط التجاري أسرع وتيرة نمو خلال 16 شهرًا. أداء قوي لقطاع الخدمات في ألمانيا عوّض ضعف فرنسا، فيما يمنح استقرار التضخم البنك المركزي الأوروبي مساحة للإبقاء على سياسته دون تغيير — لكن تساؤلات تبقى قائمة حول متانة هذا النمو.

مؤشر مديري المشتريات المركب (PMI) يرتفع إلى 51.2، وهو الأعلى منذ مايو 2024.
قطاع الخدمات الألماني يتفوق، مقابل تراجع النشاط في فرنسا.
قطاع التصنيع ينزلق من جديد إلى ما دون مستوى 50.
البنك المركزي الأوروبي يتوقع نموًا مستقرًا مدعومًا بالأجور والإنفاق المالي.
التضخم يستقر عند 2% للشهر الثالث على التوالي رغم استمرار المخاطر.
نمو يعود ولكن بشكل غير متوازن
أظهرت بيانات سبتمبر تسجيل اقتصاد منطقة اليورو أقوى توسّع للقطاع الخاص منذ 16 شهرًا، مع ارتفاع مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 51.2 مقارنة بـ51 في أغسطس. أي قراءة فوق مستوى 50 تعني نموًا، وجاءت النتائج مفاجئة للأسواق التي توقعت بقاء المؤشر مستقرًا.
ألمانيا كانت نجم المشهد، حيث حقق قطاع الخدمات فيها أسرع وتيرة نشاط منذ بداية العام. في المقابل، واصلت فرنسا انزلاقها نحو الانكماش تحت وطأة عدم اليقين السياسي والتوترات المالية. أما قطاع التصنيع في عموم المنطقة فقد عاد إلى ما دون مستوى 50 بعد فترة قصيرة من التعافي.
الرسوم الجمركية والسياسة والمرونة
هذا الانتعاش يأتي بعد نصف أول مضطرب من 2025، حين تسببت سياسات الرسوم الجمركية الأميركية في عهد الرئيس ترامب في حالة من عدم اليقين للمصدّرين الأوروبيين. الطلب شهد دفعة قوية في بداية العام لكنه تراجع لاحقًا ليدفع ألمانيا نحو ركود قصير في الربع الثاني.
اليوم، ومع توقيع اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تراجعت المخاطر الخارجية، ويؤكد البنك المركزي الأوروبي أن الأسس الداخلية ما زالت تشير إلى الاستقرار. ارتفاع الأجور، صلابة أسواق العمل، وزيادة الإنفاق المالي خاصة على البنية التحتية والدفاع، كلها عوامل يُتوقع أن تدعم النمو حتى نهاية العام. البنك المركزي يتوقع نموًا عند 1.2% في 2025 قبل أن يتباطأ إلى 1% في 2026.
التضخم عند الهدف
من أبرز عوامل دعم الثقة نجاح البنك المركزي الأوروبي في تثبيت التضخم عند مستوى 2% المستهدف لثلاثة أشهر متتالية. هذا منح صناع السياسة بعض الاطمئنان، لكن المخاطر لا تزال قائمة. تضخم تكاليف الخدمات ما زال مرتفعًا على نحو غير معتاد رغم تباطؤ أسعار البيع.
بعض الاقتصاديين يرون أنه إذا استمر مسار خفض التضخم، فقد يفكر البنك المركزي في خفض الفائدة قبل نهاية العام، إلا أن الحذر لا يزال سيد الموقف مع وجود مخاطر محتملة من الطاقة والأجور واضطرابات سلاسل التوريد العالمية.
تعافٍ هش
رغم العنوان الإيجابي، يحذر الاقتصاديون من هشاشة الزخم. نحن على مسار نمو، لكن الزخم الحقيقي ما زال مفقودًا، في إشارة إلى مخاوف من أن ضعف التصنيع وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا قد يثقل كاهل التعافي.
كما أن مؤشرات مديري المشتريات تعكس بالأساس مدى انتشار النشاط لا قوته، ما يعني أن التوسع الحالي ليس ضمانة لازدهار قوي في الناتج المحلي الإجمالي. لكن قراءة سبتمبر تعطي إشارة طمأنة بأن اقتصاد أوروبا يتجنب حتى الآن تباطؤًا أعمق.
منطقة اليورو تشهد أسرع وتيرة نمو للقطاع الخاص منذ أكثر من عام، لكن التعافي لا يزال غير متوازن. قوة الخدمات الألمانية تعوّض ضعف فرنسا، قطاع التصنيع ما زال هشًا، ومخاطر التضخم لم تختفِ بعد. بيانات سبتمبر منحت البنك المركزي الأوروبي فسحة من الوقت، لكنها ليست بعد سببًا لإعلان النصر.