الفيدرالي في سبتمبر: ما المتوقع؟

مع تراجع التوظيف واستمرار التضخم فوق المستوى المستهدف، يدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه في 16–17 سبتمبر وسط تدقيق استثنائي. من المرجح أن يعلن عن أول خفض للفائدة منذ ديسمبر الماضي، لكن المشهد السياسي والقانوني والبيانات الاقتصادية المختلطة قد يجعل هذا القرار من بين الأهم في السنوات الأخيرة.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 15 سبتمبر 2025

Copied
Fed meeting in SEP
  • الأسواق تسعّر خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس في 17 سبتمبر؛ خطوة أكبر محتملة لكنها أقل ترجيحًا.

  • أربعة تقارير متتالية ضعيفة للوظائف ومراجعات سلبية كبيرة عززت الدعوة للتيسير.

  • التضخم (الرئيسي ~2.9% على أساس سنوي، والأساسي ~3.1%) يظل أعلى من 2%، وهو مصدر التوتر الأساسي

  • خلفية غير اعتيادية: نزاع قانوني بشأن الحاكمة ليزا كوك واحتمال انضمام عضو جديد للجنة.

لماذا الفيدرالي مستعد للخفض

بعد تسعة أشهر من التوقف، يواجه الفيدرالي تعارضًا واضحًا بين إشارات تفويضه المزدوج. سوق العمل تراجع بحدة مع مكاسب متواضعة (+22 ألف وظيفة فقط في أغسطس) ومراجعات أظهرت فقدان وظائف في يونيو لأول مرة منذ 2020. في المقابل، التضخم تراجع عن ذروته في 2022 لكنه لا يزال أعلى من الهدف. خفض الفائدة يعني تقليل تكاليف الاقتراض للأسر والشركات، ودعم التوظيف والإنفاق مع تباطؤ النمو، وهو ما يميل الفيدرالي إليه الآن رغم استمرار ضغوط الأسعار.

لماذا الآن: بيانات الوظائف كسرت الجمود

أحدث تقارير مكتب إحصاءات العمل قلبت الموازين. تقرير أغسطس أظهر إضافة 22 ألف وظيفة فقط، وارتفاع البطالة لأعلى مستوى منذ أكتوبر 2021، ومراجعات كشفت عن نحو مليون وظيفة أقل خلال العام الماضي مقارنة بالتقديرات السابقة. كما قفزت طلبات إعانات البطالة إلى 263 ألفًا، وهو أعلى مستوى في نحو أربع سنوات. هذه الإشارات مجتمعة توضح أن سوق العمل يفقد زخمه بشكل أسرع من المتوقع، ما يقدم مبررًا قويًا لبدء التيسير.

هل التضخم ما زال مرتفعًا للخفض؟

التضخم الرئيسي تسارع قليلًا إلى نحو 2.9% في أغسطس، فيما استقر التضخم الأساسي عند 3.1%. ورغم أن هذه الأرقام أعلى من الهدف، إلا أنها ليست كافية لتعطيل أول خفض للفائدة نظرًا لضعف سوق العمل. الفيدرالي يؤكد أن تأثير الرسوم الجمركية مؤقت، مع الاعتراف بمخاطر صعود التضخم وهبوط التوظيف في الوقت ذاته، وهو ما يستدعي موازنة دقيقة بين الهدفين.

لماذا انتظر الفيدرالي كل هذه الفترة

منذ أواخر 2024 تبنى الفيدرالي موقفًا حذرًا لمراقبة آثار الرسوم الجمركية ومتانة مسار تباطؤ التضخم. لكن مع تراكم الأدلة على ضعف سوق العمل، وبروز أن آثار الرسوم أقرب إلى كونها مؤقتة، انخفضت عتبة اتخاذ قرار الخفض. بيانات أغسطس الضعيفة جاءت لتمنح الفيدرالي الدافع النهائي للتحرك.

حجم الخفض المتوقع في 17 سبتمبر

العقود الآجلة تشير إلى احتمالية تقارب 90% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس، مع احتمال ضعيف لخفض أكبر بـ50 نقطة أساس. الخفض الأكبر سيعكس قلقًا من انزلاق النمو نحو الركود، بينما الخفض المتواضع يمنح الفيدرالي مساحة للمناورة مع الاعتراف بالتباطؤ. لكن، كما المعتاد، ستكون لغة البيان الصحفي ومؤتمر باول بنفس أهمية حجم الخفض، خصوصًا في توصيف سوق العمل ومخاطر التضخم.

كم عدد التخفيضات المتوقعة هذا العام؟

الأسواق تراهن على خفضين إلى ثلاثة قبل نهاية 2025، مع احتمالية لخطوة ثانية في أكتوبر أو ديسمبر. الاقتصاديون منقسمون بين سيناريوهين: اثنان أو ثلاثة تخفيضات. المسار في النهاية سيعتمد على البيانات: تضخم أعلى من المتوقع قد يبطئ الوتيرة، بينما ضعف أعمق في الوظائف قد يسرّعها.

من سيشارك في الاجتماع ولماذا يهم

الاجتماع يكتسب طابعًا غير اعتيادي مع عاملين أساسيين:

  • الحاكمة ليزا كوك: سمح حكم قضائي مؤقت لها بالاستمرار في أداء مهامها رغم محاولة عزلها، ما يضمن وجود صوتها وتصويتها إلا إذا صدر حكم مغاير قبل نهاية الاجتماع.
  • عضو محتمل جديد: من المتوقع تأكيد ستيفن ميران قبل الاجتماع. وإذا شارك، سيُدخل توقعاته ويصوّت؛ وإذا لم ينضم للمجلس، قد يظهر ملخص التوقعات الاقتصادية بعدد مشاركين أقل من 19، ما يعقّد قراءة الأسواق للـ "المخطط النقطي".

هذه التطورات تعيد الجدل حول استقلالية البنك المركزي وقد ترجح كفة النقاش بين دعاة الخفض السريع والمتريثين.

خمسة أمور تستحق المتابعة في "يوم الفيدرالي"

  1. حجم الخفض: 25 نقطة أساس هو الأساس، وأي إشارة لخفض 50 ستكون مفاجأة كبيرة.
  2. لغة البيان حول الوظائف: هل تختفي عبارة "سوق العمل لا يزال قويًا" أو تتغير؟
  3. المخطط النقطي: كم عدد التخفيضات المتوقعة لعامي 2025–2026 مقارنة بتوقعات يونيو؟
  4. نبرة باول حول الرسوم الجمركية: هل يصفها كأثر مؤقت أم كخطر تضخمي ممتد؟
  5. عدد المعارضين واتجاههم: وجود معارضين من الجانبين سيعكس انقسامًا أوسع مما تتوقعه الأسواق.

خلفية الأسواق والمخاطر

الأسهم الأميركية عند مستويات مرتفعة والعوائد مستقرة نسبيًا، ما يعكس ثقة المستثمرين بقدرة الفيدرالي على إدارة الموقف. الخطر الأكبر يكمن في مزيج “الركود التضخمي المعتدل” حيث يتباطأ النمو بينما يظل التضخم قريبًا من 3%. تحرّك بطيء قد يعمّق ضعف الوظائف، فيما قد يشعل تحرّك سريع من جديد ضغوط الأسعار. لذلك، سرعة الفيدرالي بعد أول خفض ستكون حاسمة لمسار الدولار والسندات والأسهم والذهب.

جميع المؤشرات ترجّح أن يبدأ الفيدرالي دورة التيسير النقدي في 17 سبتمبر بعد تسعة أشهر من الجمود. البداية المرجحة هي خفض بمقدار 25 نقطة أساس، مع ترك الباب مفتوحًا أمام خطوات إضافية. ما سيأتي لاحقًا يعتمد على مسار التضخم واستقرار سوق العمل. وفي ظل المشهد القانوني والسياسي المعقّد، سيكون هذا الاجتماع اختبارًا لاستقلالية الفيدرالي وقدرته على موازنة أهدافه المزدوجة في الوقت الفعلي.

Copied