محضر الفيدرالي يكشف اتساع الجدل حول استراتيجية تقليص الميزانية العمومية

محضر اجتماع السياسة النقدية لشهر سبتمبر أظهر انقساماً متزايداً بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن مدى الاستمرار في تقليص ميزانية البنك العمومية البالغة 7 تريليونات دولار. فبينما شدد بعض الأعضاء على ضرورة مراقبة سيولة أسواق النقد ومستويات احتياطيات البنوك، دعا آخرون إلى المضي أبعد في التقليص لتقليص بصمة الفيدرالي في الأسواق المالية.

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 4h ago

Copied
Fed minutes
  • الجدل احتدم حول توقيت وقف التشديد الكمي مع اقتراب الاحتياطيات من مستوى "الوفرة".

  • المعروض الكبير من أذون الخزانة يستنزف السيولة ويشدد ظروف التمويل القصير الأجل.

  • احتياطيات البنوك انخفضت إلى أقل من 3 تريليونات دولار، وهو أدنى مستوى منذ يناير.

  • بعض صناع القرار يفضلون ميزانية أصغر بكثير، فيما يدعو آخرون إلى الحذر.

الاحتياطيات تقترب من مستوى "الوفرة" مع تشدد السيولة

محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في 16–17 سبتمبر أظهر أن صناع السياسة باتوا يولون اهتماماً متزايداً لمستوى احتياطيات البنوك المودعة لدى الفيدرالي. عدد من الأعضاء شدد على أهمية متابعة أوضاع أسواق النقد عن كثب لتحديد متى تصل الاحتياطيات إلى مستوى "الوفرة" — وهو النقطة التي يصبح عندها أي تقليص إضافي خطراً على استقرار السوق.

هذا القلق نابع من مؤشرات على أن السيولة في أسواق التمويل الأمريكية بدأت في الانحسار. فمع سعي وزارة الخزانة لإعادة بناء رصيدها النقدي بعد اتفاق سقف الدين الصيفي، قفزت إصدارات أذون الخزانة بقوة، ما سحب سيولة من أداة إعادة الشراء العكسي (RRP) التابعة للفيدرالي ومن النظام المصرفي على حد سواء. ونتيجة لذلك، استقرت أسعار الريبو وغيرها من المؤشرات القصيرة الأجل بالقرب من سعر الفائدة على الاحتياطيات، في إشارة إلى تشديد ملموس في ظروف أسواق النقد.

تقليص الميزانية يقترب من حدود الراحة

منذ عام 2022، شرع الفيدرالي في تفكيك محفظته الضخمة التي راكمها خلال سنوات من شراء الأصول — في عملية تُعرف بالتشديد الكمي .(QT) وفي وقت سابق من هذا العام، خفّض المسؤولون وتيرة التقليص لتفادي تقلبات مفرطة، لكن المحضر الأخير يعكس نقاشاً حيوياً حول مدى إمكانية المضي أبعد.

التقديرات الداخلية التي عُرضت على صناع القرار تشير إلى أنه في حال استمرار الوتيرة الحالية، ستتراجع حيازات الفيدرالي إلى ما يزيد قليلاً عن 6 تريليونات دولار بحلول مارس 2026، مع احتياطيات تبلغ نحو 2.8 تريليون دولار — أي قريباً جداً من المستوى الذي يعتبر "وفيراً". بعض الأعضاء رأى أن الاقتراب من هذا النطاق يستدعي الحذر، مستحضرين دروس عام 2019 حين أدى نقص الاحتياطيات إلى اضطرابات حادة في أسواق التمويل. في المقابل، يرى آخرون أن البنك يجب أن يستهدف ميزانية أصغر لضمان كفاءة انتقال السياسة النقدية على المدى الطويل.

اختلافات فلسفية داخل الفيدرالي

المحضر كشف تباينات واضحة في الرؤى حول نقطة النهاية المناسبة لعملية التقليص. أحد التوجهات يرى أن "الاحتياطيات الوفيرة" تعني فقط ما يكفي لمنع تقلب أسعار الفائدة، وبالتالي يجب وقف التقليص عند الوصول إلى تلك المنطقة. في المقابل، يدعو تيار آخر إلى الاستمرار حتى الاقتراب من نقطة الندرة، بهدف امتصاص السيولة الفائضة وإعادة الانضباط إلى سوق ما بين البنوك.

هذا الانقسام يعكس توتراً أعمق بين الحذر المرتبط بالاستقرار المالي من جهة، والرغبة في ميزانية أصغر وأكثر انضباطاً من جهة أخرى. ورغم أن رئيس الفيدرالي جيروم باول وصف الاحتياطيات الحالية بأنها "وفيرة"، فقد أقر بأنها تقترب تدريجياً من الحد الأدنى المريح. هذا التباين في النبرة يشير إلى أن النقاش حول توقيت وآلية إنهاء التقليص سيهيمن على الاجتماعات المقبلة، خاصة مع ارتفاع معدلات السوق وانكماش هوامش السيولة.

تداعيات سوقية وخطوات مقبلة

من المتوقع أن تظل احتياجات تمويل الخزانة مرتفعة حتى نهاية العام، ما يزيد الضغط على الاحتياطيات. وبالنسبة للمستثمرين، فإن مزيج التشديد الكمي والمعروض الكبير من أذون الخزانة يعني فروقاً أضيق في أسواق المال واستمرار الضغوط على تكاليف التمويل.

إذا تراجعت الاحتياطيات بسرعة كبيرة، قد يضطر الفيدرالي إلى تعديل خططه أو الاعتماد بشكل أكبر على آلية إعادة الشراء الدائمة (Standing Repo Facility) لتحقيق الاستقرار في أسعار الفائدة لليلة واحدة. وفي المقابل، الإبقاء على المسار الحالي قد يكشف إلى أي مدى يمكن للنظام المالي أن يقترب من “أرضية السيولة” الحقيقية — وهو اختبار سيحدد ما إذا كانت عملية تطبيع الميزانية العمومية قد وصلت إلى حدودها العملية.

Copied