سناي تاكايشي تصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان مع ميل طوكيو نحو سياسة مالية توسعية

دخلت اليابان مرحلة سياسية جديدة. سناي تاكايشي، التي تُعد من أكثر الشخصيات محافظةً وحزمًا في السياسة الاقتصادية اليابانية، انتُخبت يوم الثلاثاء رئيسةً للوزراء، لتصبح أول امرأة في تاريخ البلاد تتولى أعلى منصب حكومي. فوزها، الذي تحقق بـ237 صوتًا في مجلس النواب، يأتي في وقتٍ تشهد فيه البلاد ضغوطًا تضخمية وتحولات في التحالفات السياسية ونقاشًا متجددًا حول مستقبل الاقتصاد الياباني. الأسواق رحبت بتوقعات التحفيز المالي واستمرار السياسة النقدية المرنة من بنك اليابان، غير أن التحديات التي تواجهها تاكايشي ت

بواسطة Ahmed Azzam | @3zzamous | 13h ago

Copied
Sanae Takaichi becomes Japan’s first female prime minist
  • تاكايشي تصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان بعد حصولها على 237 صوتًا

  • الائتلاف الحاكم يفتقر لمقعدين فقط لتحقيق الأغلبية في مجلس النواب.

  • التحفيز المالي واستمرار إرث “آبينوميكس” من أبرز ركائز سياستها.

  • الأسواق ارتفعت مع تراجع الين، وسط توقعات بدعم نقدي مستمر.

سابقة تاريخية في قيادة اليابان

لأول مرة في التاريخ الحديث لليابان، تتولى امرأة منصب رئاسة الوزراء. فوز سناي تاكايشي في التصويت البرلماني يمثل تحولًا ثقافيًا وسياسيًا داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم. وقد جاء انتخابها بعد أسابيع من المناورات داخل الحزب، تمكنت خلالها من توحيد فصائل رئيسية في الحزب وبناء تحالف مفاجئ مع حزب الابتكار الياباني (إيشين).
لكن الإنجاز التاريخي يقابله واقع سياسي صعب: فالتحالف الجديد يفتقر لمقعدين لتحقيق الأغلبية البرلمانية، ما يعني أن المرحلة الأولى من قيادتها ستتسم بقدر كبير من المساومة السياسية قبل الانطلاق نحو تنفيذ الأجندة الاقتصادية.

موازنة التضخم والنمو والمصداقية المالية

تتسلم تاكايشي القيادة في لحظة دقيقة بالنسبة لثالث أكبر اقتصاد في العالم. فالتضخم لا يزال فوق هدف بنك اليابان البالغ 2%، والقوة الشرائية للأسر تتراجع، والغضب الشعبي من ارتفاع تكاليف المعيشة يتصاعد.
تعتمد رؤيتها الاقتصادية على الإرث التحفيزي لسياسات “آبينوميكس”، مع التركيز على التوسع المالي، والدعم المستهدف للأسر، وتحفيز النمو بقيادة الحكومة. وقد أكدت مرارًا أن “الاستثمار البنيوي لا يجب أن يتعطل بسبب تضخم مؤقت”.

Japan inflation

هذا التوجه أعطى الأسواق إشارة واضحة بأن السياسة المالية ستبقى توسعية، وأن بنك اليابان سيتعرض لضغوط جديدة للإبقاء على سياسته النقدية فائقة التيسير.

انعطافة يمينية بنكهة شعبوية

على المستوى السياسي، يمثل صعود تاكايشي تحولًا أيديولوجيًا نحو اليمين داخل الحزب الحاكم، مع تركيز أكبر على الأمن القومي وتحديث القدرات الدفاعية وتقليل الاعتماد على الخارج.
هذا التوجه يتماشى مع تصاعد القلق الشعبي من التوترات الإقليمية ومن دور اليابان في ظل احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. ومن المتوقع أن تدفع حكومتها نحو تعزيز التحالف الأمني مع واشنطن في إطار إستراتيجية “الهندي والهادئ”، مع الحفاظ على الانفتاح الاقتصادي تجاه الشركاء التجاريين الرئيسيين.
في الداخل، يُتوقع أن تمزج سياستها بين القيم الاجتماعية المحافظة والأجندة الاقتصادية الجريئة، وهي صيغة قد تحشد دعم القاعدة التقليدية للحزب لكنها قد تنفر الأصوات المعتدلة المطالبة بالإصلاح.

هشاشة الائتلاف واختبار السياسة

أول اختبار حقيقي أمام تاكايشي سيكون سياسيًا أكثر من كونه أيديولوجيًا. فخسارة الحزب الحاكم لحليفه التقليدي “كوميتو” جعلت حكومتها تعتمد على دعم حزب “إيشين”، وهو حزب شاب إصلاحي يدعو إلى اللامركزية وخفض مؤقت لضريبة المبيعات على المواد الغذائية.
ورغم أن هذا التحالف يمنحها استقرارًا مؤقتًا، إلا أنه ينطوي على تناقضات جوهرية: “إيشين” يتبنى نهجًا ماليًا أكثر تحفظًا، في حين تفضل تاكايشي سياسة توسعية قائمة على الإنفاق العام. إدارة هذا التباين ستكون التحدي الأكبر في برلمان منقسم قد تُحسم فيه القوانين بفارق صوت أو صوتين.

بين الإرث والتجديد الاقتصادي

يرى المستثمرون أن سياسة تاكايشي المالية امتدادٌ لنهج شينزو آبي، لكنها أكثر جرأة. ورغم تأكيدها احترام استقلال بنك اليابان، إلا أن حديثها عن “تنسيق استباقي” بين السياسة المالية والنقدية يشير إلى تحوّل ناعم لكن مؤثر في العلاقة بين المؤسستين.
كما دعت تاكايشي إلى “الإنفاق الاستراتيجي” الموجّه نحو الابتكار والبنية التحتية الرقمية وصناعة الدفاع، في مسعى لتحقيق نمو اقتصادي قائم على الاكتفاء الذاتي. لكن هذا النهج، وإن كان يَعِد بدعم النمو، قد يزيد من الضغوط التضخمية، ما سيضع مصداقية حكومتها الاقتصادية أمام اختبار صعب.

الرمزية والاستراتيجية

إلى جانب أبعادها الاقتصادية والسياسية، تحمل قيادة تاكايشي رمزية كبيرة. فاليابان التي لطالما انتُقدت لضعف تمثيل المرأة في السياسة والإدارة، كسرت أخيرًا أحد آخر الحواجز المؤسسية أمام النساء.
لكن الرمزية وحدها لا تصنع الاستقرار. نجاحها سيعتمد على قدرتها على تحويل هذا الإنجاز التاريخي إلى إصلاح فعلي في بلد يعاني من إرهاق سياسي واجتماعي متراكم.
وتشير التسريبات إلى أن تشكيلتها الحكومية قد تضم أول وزيرة مالية في تاريخ اليابان، ما يعزز البعد الرمزي لإدارتها.
في الأثناء، تُظهر الأسواق تفاؤلًا حذرًا؛ تراجع الين وارتفاع الأسهم يعكسان رهان المستثمرين على سياسة مالية نشطة لا انكماشية. غير أن استمرار هذا التفاؤل سيعتمد على سرعة ترجمة الوعود إلى نتائج ملموسة على الأرض.

Copied