اجتماع الفيدرالي الأمريكي: من غير المرجح خفض أسعار الفائدة
رغم احتمالية تمسك الاحتياطي الفيدرالي بسعر الفائدة دون تغيير، إلا أن الأنظار كلها تتجه نحو توقعاته الجديدة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع بيانات التضخم.

الفيدرالي قد يثبت سعر الفائدة... لكن "المخطط النقطي" قد تلمّح إلى خفض واحد فقط خلال 2025
ضغوط من ترامب وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية... وخطر اندلاع حرب أوسع يخيم على الأسواق
تباطؤ التضخم في بريطانيا يعزز رهانات خفض الفائدة في أغسطس
أسعار النفط المرتفعة تهدد مسار التراجع التضخمي عالميًا وتضغط على شهية المخاطرة
الفيدرالي قد يثبت معدلات الفائدة... لكن ملامح التشدد تلوح في الأفق
مع انطلاق اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين، لا يتوقع السوق أي تغيير في معدل الفائدة الأمريكية. هذه النتيجة كانت متوقعة بعد بيانات التضخم لشهر مايو التي أظهرت تراجعًا طفيفًا في كل من التضخم العام والنواة. لكن الاهتمام اليوم لم يعد على القرار نفسه، بل على ما سيرافقه من توقعات اقتصادية جديدة، وتحديدًا ما يعرف بـ"الرسم النقطي" الذي يكشف عن توجهات أعضاء الفيدرالي.
تشير التوقعات إلى خفض واحد فقط بمقدار 25 نقطة أساس خلال ما تبقى من 2025، مقارنة بتوقعات سابقة كانت ترجّح خفضين أو أكثر. هذا التغير يعكس توجّهًا أكثر حذرًا، وسط توازن دقيق بين تباطؤ التضخم واستمرار الغموض الاقتصادي العالمي. ومن المتوقع أن يعتمد جيروم باول نبرة متوازنة في مؤتمره الصحفي، لكن أي تغيّر طفيف في الرسم النقطي قد يُحدِث أثرًا أعمق في الأسواق.
ورغم أن بيانات التضخم تمنح الفيدرالي هامشًا للانتظار، إلا أن تصاعد أسعار السلع – خصوصًا النفط – نتيجة التوترات في الشرق الأوسط، يعيد فتح باب المخاوف بشأن ضغوط الأسعار. كما أن أثر الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لم يظهر بالكامل بعد، مما يزيد الغموض في المشهد.
ترامب يصعّد... والأسواق تتأهب لمواجهة أوسع
الأسواق لم تغفل عن التحركات السياسية؛ فقد عقد الرئيس دونالد ترامب اجتماعًا أمنيًا عالي المستوى، مما أثار تكهنات بدور أمريكي مباشر في النزاع الجيوسياسي الحالي. ورغم أن واشنطن لم تدخل رسميًا في الصراع، فإن استعداد طهران المزعوم لضرب قواعد أمريكية يعكس ارتفاع مستوى المخاطر.
المتداولون في أسواق الطاقة يراقبون خام برنت عن كثب. وإذا ما استمر التصعيد، فإن أسعار النفط قد تشهد قفزات جديدة، خصوصًا إذا أصبح مضيق هرمز – شريان الطاقة العالمي – ضمن ساحة الصراع. مثل هذا السيناريو قد ينعكس على التضخم العالمي ويعيد خلط أوراق السياسة النقدية.
تباطؤ التضخم في بريطانيا... ولا خفض فوري للفائدة
في بريطانيا، أظهرت بيانات التضخم تراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3.4% في مايو، بعد أن كان 3.5% في أبريل. هذا التراجع جاء مطابقًا للتوقعات، لكنه ليس كافيًا لتغيير موقف بنك إنجلترا في الاجتماع القادم.
ورغم تراجع التوقعات بشأن وتيرة التيسير النقدي في المملكة المتحدة، فإن الأسواق لا تزال تُسعّر أول خفض للفائدة بحلول أغسطس، بنسبة تتجاوز 70%. لكن التضخم لا يزال أعلى من المستهدف، وضغوط الأسعار، خاصة تلك المرتبطة بالأجور والخدمات، لم تتراجع بالشكل المطلوب.
شهية المخاطرة تضعف وسط غموض عالمي
ورغم بعض الإشارات الإيجابية مثل تباطؤ التضخم الأمريكي وتحسن محدود في محادثات التجارة، إلا أن مزاج المستثمرين لا يزال هشًا. فمزيج النزاع في الشرق الأوسط، وتعقيدات الرسوم الجمركية، وضعف النمو العالمي يبقي الأسواق في حالة ترقب دائم.
الدولار الأمريكي حافظ على قوته نسبيًا كمصدر أمان، لكن تحركاته جاءت أقل حدة مقارنة بأزمات سابقة. في المقابل، تترقب الأسواق تصريحات باول عن كثب، خصوصًا إذا ما تضمنت توقعات جديدة بشأن النمو والتضخم والبطالة. ومن المتوقع أن يرفع الفيدرالي توقعاته للتضخم إلى 3% ويخفض توقعات النمو إلى 1.5%.
أي تلميح من باول إلى تشدد أو تحفظ، حتى لو كان طفيفًا، قد يدفع الدولار للارتفاع مجددًا ويؤثر سلبًا على أسواق الأسهم، خاصة وأن مؤشر S&P 500 لا يزال قريبًا من أعلى مستوياته على الإطلاق.
الخلاصة: مفترق طرق في السياسة النقدية
بين ضغوط ترامب، وتصاعد التوترات، وبيانات التضخم المتباينة... يقف الفيدرالي أمام مفترق طرق دقيق. تثبيت الفائدة يبدو الخيار الآمن حاليًا، لكن الأهم هو ما سيقوله باول، وما سيرسمه "النقاط النقطية" بشأن ما تبقى من 2025.
خفض التوقعات من خفضين إلى خفض واحد قد يعيد ضبط توقعات السوق، ويدعم انتعاش الدولار. وفي المقابل، لا يزال الصيف يحمل الكثير من التقلبات المحتملة: من أسعار الطاقة، إلى الانتخابات الأمريكية، إلى قرارات السياسة النقدية في سويسرا وبريطانيا وغيرها.