ما هي المراجحة في الأسواق المالية؟

تعريف المراجحة السعرية

المراجحة هي التطبيق العملي لـ "قانون السعر الواحد". فالأصل المتماثل يجب أن يُتداول بنفس السعر في الأسواق الكفؤة. لكن في الواقع، قد تظهر فروق بسيطة بسبب تأخر التحديثات، القيود التنظيمية، أو عوامل العرض والطلب. هنا يأتي دور المراجح: يشتري من السوق الأرخص ويبيع في السوق الأغلى، ليغلق الفجوة ويحقق الربح.

نظرياً، المراجحة خالية من المخاطر. عملياً، هناك مخاطر متبقية مثل تأخر التنفيذ، نقص التمويل، أو عراقيل البنية التحتية في السوق.

لماذا تظهر فروق الأسعار؟

حتى في الأسواق السائلة، قد تظهر انحرافات صغيرة بسبب:

• اختلاف سرعة تحديث الأسعار بين المنصات.
• فروقات سعر الفائدة والرسوم والتنظيم والتعريفات الجمركية المفاجأة في عهد دونالد ترامب.
• عمليات الشركات (اندماجات، إعادة موازنة المؤشرات).
• تكاليف الاقتراض أو التسوية.

ومع دخول المراجحين، تعود الأسعار عادةً إلى التوازن، وهو ما يجعل الأسواق أكثر كفاءة.

الأنواع الشائعة من المراجحة

1. المراجحة المكانية (الجغرافية): شراء سهم أو صندوق ETF من بورصة أرخص وبيعه في بورصة أغلى.
2. المراجحة المثلثة في الفوركس: إذا لم تتطابق أسعار أزواج العملات (A/B, B/C, A/C)، يمكن استغلال الفرق لتحقيق ربح صغير وسريع.
3. المراجحة الزمنية (الكاش-أند-كاري): استغلال الفارق بين السعر الفوري والعقود الآجلة حتى تاريخ الاستحقاق.
4. المراجحة في الاندماجات: شراء سهم الشركة المستحوذ عليها بسعر أقل من قيمة الصفقة المتفق عليها.
5. المراجحة في السندات القابلة للتحويل أو المؤشرات: موازنة الانحرافات بين المشتقات والأصل الأساسي.
6. المراجحة في العملات الرقمية: استغلال الفوارق بين البورصات أو بين أسعار العملات المستقرة المختلفة.
   

كيف تُنفّذ صفقة مراجحة؟

• اكتشاف فرق السعر (عبر النماذج أو الماسحات الآلية).
• قفل الصفقات المتقابلة بالشراء والبيع فوراً.
• تمويل العملية (بالرافعة، الاقتراض، أو رأس المال).
• الانتظار حتى تتقارب الأسعار أو تحقيق الربح من الفارق.

أي خلل في هذه السلسلة (ارتفاع رسوم، تأخير تنفيذ، أو صعوبة في الاقتراض) قد يحول الصفقة من شبه خالية من المخاطر إلى محفوفة بها.

أمثلة مبسطة

1. المراجحة المثلثة في الفوركس: إذا كان سعر اليورو/الدولار 1.10 وسعر الدولار/الين 150، يفترض أن يكون سعر اليورو/ين 165. إذا كان السعر الفعلي 165.40، يمكن استغلال الفارق عبر سلسلة صفقات تحقق ربحاً صغيراً.
2. الكاش-أند-كاري: إذا كان سعر النفط الفوري 80 دولاراً والعقد الآجل 83 دولاراً بينما القيمة العادلة 81.5، يشتري المتداول النفط الفوري ويبيع العقد الآجل ليحجز الفرق حتى الاستحقاق.
3. مراجحة الاندماج: إذا كان عرض الاستحواذ 50 دولاراً للسهم بينما السهم يتداول عند 48.8، فإن شراءه يوفر فرصة ربح إذا تمت الصفقة.
   

هل المراجحة قانونية؟

نعم، طالما أنها تعتمد على معلومات متاحة للعامة ولا تنطوي على تلاعب أو تداول بناءً على معلومات داخلية. بل إن المنظمين غالباً يشجعونها لأنها تزيد من عدالة وكفاءة السوق.

هل يمكن للأفراد القيام بها؟

الفرص الأكبر عادةً يقتنصها اللاعبون الكبار باستخدام تقنيات عالية السرعة. لكن الأفراد قد يجدون فرصاً صغيرة في صناديق المؤشرات (ETF) أو فروق أسعار بين بورصات العملات الرقمية. مع ذلك، النجاح يتطلب سرعة، رأس مال، وانضباطاً صارماً.

لماذا تهم المراجحة الجميع؟

حتى إن لم تمارسها بنفسك، فإن وجود المراجحين يحسن الأسعار لك. فأسعار الصناديق تتبع قيمتها العادلة بدقة، والمشتقات تحترم قواعد التسعير، ما يقلل فرص الاستغلال العشوائي. المراجحة إذن هي العمود الفقري لكفاءة الأسواق المالية.

المراجحة تعني شراء منخفض وبيع مرتفع في الوقت نفسه لالتقاط فرق السعر. لكن في الواقع، هي حرفة دقيقة تحتاج سرعة، تمويل، وتحكم في التكاليف. فهمها لا يساعد فقط في إدراك كيف تعمل الأسواق، بل أيضاً في تفسير لماذا تبدو الأسعار عادلة معظم الوقت.

الأسئلة الشائعة

هل المراجحة خالية من المخاطر؟
نظرياً نعم، عملياً هناك مخاطر تنفيذ وتمويل.

كيف تختلف عن المضاربة؟
المراجحة تستهدف فرقاً سعرياً معروفاً، بينما المضاربة تراهن على اتجاه السوق.

هل توجد في العملات الرقمية؟
نعم، وبكثرة بسبب تشتت البورصات واختلاف الرسوم وأسعار العملات المستقرة.

هل يمكن للأفراد الاستفادة منها؟
بحدود ضيقة وفي أسواق أبطأ، لكن معظم الفرص الكبيرة تحتاج أدوات احترافية.