تدفق الأوامر والبنية الدقيقة للسوق

مقدمة إلى البنية الدقيقة للسوق

تشير البنية الدقيقة للسوق إلى الجوانب التنظيمية والتشغيلية التفصيلية لسوق المال، بما في ذلك مختلف العمليات التي تسهل تداول الأدوات المالية.

تُشكل عملية اكتشاف أسعار عقود الفروقات، من خلال مشاركة مختلف الأطراف الفاعلة في السوق، جزءًا من البنية الدقيقة للسوق. ويقصد باستكشاف الأسعار عملية تحديد سعر الأصل من خلال معاملات السوق بين المشترين والبائعين. لذلك، على المتداولين فهم البنية الدقيقة للسوق وكيف يُسهم تدفق الأوامر في عمل الأسواق.

يُعد تدفق الأوامر، وهو التسلسل الآني لأوامر البيع والشراء، جزءًا أساسيًا من البنية الدقيقة للسوق. عناصر مثل سجل الأوامر، وفارق سعري العرض والطلب، وعمق السوق تدل المتداولين على السيولة وحركة الأسعار المحتملة للأصل المالي. كذلك يمكن أن يؤثر التداول الخوارزمي، وإن كان أقل شيوعًا، على تدفق الأوامر.

يُعدّ تدفق الأوامر أمرًا أساسيًا في اكتشاف الأسعار وذلك من خلال الكشف عن اختلالات العرض والطلب، وتحديد مستويات الدعم والمقاومة، وتوفير قراءات مباشرة حول مزاج السوق. يُمكّن الفهم العميق لتدفق الأوامر المتداولين من اتخاذ قرارات مدروسة والتعامل بنجاح في أسواق العقود مقابل الفروقات.

تدفق الأوامر ومكوناته الرئيسية

يتضمن تحليل تدفق الأوامر اختبار تسلسل وحجم أوامر الشراء والبيع عند دخولها السوق. تساهم المكونات الرئيسية التالية في تحقيق فهم شامل لتدفق الأوامر.

• سجل الأوامر: يُعد سجل الأوامر عنصرًا أساسيًا في تدفق الأوامر، حيث يعرض قائمة بأوامر الشراء والبيع الحالية للأصل. ويوفر عرضًا مرئيًا وشاملًا لعمق السوق، موضحًا الأسعار والكميات التي يرغب المتداولون في الشراء أو البيع بها بشكل فوري. إن عرض تدفق الأسعار في سجل الأوامر يقدم للمتداول لمحة عن القيم الحالية لمراكزه في سوق العقود الآجلة أو عقود الخيارات.
  
• أوامر السوق: تُنفَّذ أوامر السوق بسعر السوق الحالي، وتُمثل رغبةً فوريةً في الشراء أو البيع. يُسهم تدفق أوامر السوق في ديناميكيات تدفق الاوامر الفورية، مما يؤثر على حركة الأسعار والسيولة.
  
• أوامر الحد: تحدد أوامر الحد السعر المطلوب الذي يرغب المتداول بالشراء أو البيع عنده. تساهم هذه الأوامر في سجل الأوامر، وتؤثر على مستويات الأسعار المستقبلية، وتُشكل عاملاً رئيسياً في التفاعل بين العرض والطلب.
  
• فارق سعرَي العرض والطلب: هو الفرق بين أعلى سعر يقبله المشتري (العرض) وأدنى سعر يقبله البائع (الطلب). غالبًا ما يشير الفارق الضيق إلى سوق متداولة بسيولة عالية، بينما قد يشير الفارق الأوسع إلى انخفاض السيولة واحتمالية التقلب. في فترات انخفاض السيولة، تكون تحركات أسعار عقود الفروقات أكثر تقلبًا، وقد تخترق مستويات العرض والطلب الملحوظة بشكل متكرر.
  
• عمق السوق: يُشير عمق السوق إلى مقدار أوامر البيع والشراء عند مستويات أسعار مختلفة في سجل الأوامر. يُحلل المتداولون عمق السوق لتحديد مستويات الدعم والمقاومة، مما يُساعدهم على توقع تحركات الأسعار المُحتملة.
  
• بيانات الوقت والمبيعات (T&S): تُسجِّل بيانات الوقت والمبيعات كل صفقة على حدة، بما في ذلك السعر والمقدار والطابع الزمني. يُتيح تحليل بيانات الوقت والمبيعات للمتداولين تتبُّع وتيرة وحجم الصفقات، مما يُوفِّر قراءات إضافية حول نشاط السوق. مع ذلك، قد يُؤخِّر الوصول إلى بيانات الوقت والمبيعات المتداول قليلاً، نظرًا لارتفاع تكلفتها. ينبغي على المتداولين مراعاة بيانات الوقت والمبيعات فقط إذا رأوا فائدةً في استخدام رأس المال للوصول إلى هذه الأداة المهمة للتداول والتحليل.
  
• ملف حجم التداول: يعرض ملف حجم التداول حجم التداول عند مستويات أسعار مختلفة خلال فترة زمنية محددة. يساعد هذا الملف المتداولين على تحديد مناطق النشاط المرتفع والمنخفض، مما يُسهم في فهم أعمق لهيكل السوق.
  
• التداول الخوارزمي: تُسهم استراتيجيات التداول الخوارزمي، التي تُنفّذها أجهزة الكمبيوتر، بشكل كبير في تدفق الأوامر. يُمكن للتداول عالي التردد وغيره من الاستراتيجيات الخوارزمية أن يؤثر على سرعة وتكرار دخول الأوامر إلى السوق. لم تكن الخوارزميات شائعة الاستخدام لدى متداولي عقود الفروقات، ولكن هذا الأمر اتخذ منحىً مختلفًا في عام 2023، حيث دمجت شركات التطوير البرمحي الذكاءَ الاصطناعي في استراتيجياتها لتمكين الخوارزميات من العمل والتفكير كمتداول آلي في برمجيات التداول. تُشير هذه الخطوة إلى تزايد شيوع استخدام الخوارزميات في عالم التداول. مع ذلك، فإن التداول عالي التردد غير متاح لمتداولي عقود الفروقات، حيث لا تسمح معظم لوائح عقود الفروقات بهذا النوع من التداول.
  
• مزاج السوق: يعكس تدفق الأوامر مزاج السوق، مُشيرًا إلى ما إذا كان المشاركون في السوق يميلون إلى البيع أو الشراء. يُتيح تحليل تدفق الأوامر للمتداولين فهمًا دقيقًا للحالة المزاجية السائدة في السوق. يُعد تحليل مزاج السوق تقييمًا روتينيًا مهمًا ينبغي على كل متداول إجراؤه، لأن الحالة المزاجية تُحافظ على حركة السعر وتوفر تحيزًا اتجاهيًا موثوقًا يُساعد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

دور تدفق الاوامر في اكتشاف أسعار العقود مقابل الفروقات

يلعب تدفق الأوامر دورًا حاسمًا في اكتشاف الأسعار في أسواق عقود الفروقات، وذلك بتوفير معلومات آنية حول نوايا المشاركين في السوق. إليك كيف يُسهم تدفق الأوامر في عملية اكتشاف الأسعار في تداول عقود الفروقات:

1. الكشف عن نطاقات العرض والطلب

يكشف تدفق الأوامر عن التوازن المستمر بين المشترين والبائعين في السوق. يشير تدفق أوامر الشراء إلى طلب قوي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بينما يشير ارتفاع أوامر البيع إلى زيادة العرض، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.

2. تحديد مستويات الدعم والمقاومة

يمكن للمتداولين، من خلال تحليل تدفق الأوامر، تحديد مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية. فقد يكون تراكم أوامر الشراء عند مستوى سعري معين بمثابة دعم، بينما قد يكون تركيز أوامر البيع بمثابة مقاومة. تؤثر هذه المستويات على تحركات الأسعار لأنها تمثل مناطق ذات اهتمام كبير بالشراء أو البيع.

3. تحليل عمق السوق

يساعد تحليل عمق السوق المتداولين على قياس قوة الاتجاهات السائدة. كلما كان السوق أكثر عمقًا عند مستوى سعري معين، زادت احتمالية تحرك السعر في ذلك الاتجاه.

4. ديناميكيات سجل الأوامر

يمكن للتغيرات في سجل الأوامر، كالظهور المفاجئ لأوامر سوقية كبيرة أو إزالة أوامر حدية هامة، أن تُعطي مؤشرات على تحولات محتملة في توجهات السوق. تؤثر هذه الديناميكيات على اكتشاف الأسعار إذ تعكس مدى إلحاح وقوّة المشاركين في السوق.

5. تتبع تحركات الأسعار في الوقت الفعلي

إن مراقبة تنفيذ الأوامر في الوقت الفعلي تقدّم تغذية راجعة فورية حول كيفية تفاعل السوق مع المعلومات أو الأخبار أو الأحداث الجديدة، مما يساهم في عملية اكتشاف الأسعار بشكل مستمر.

6. تحليل مزاج السوق

يمكن للمتداولين تقييم ما إذا كانت غالبية الأوامر عبارة عن أوامر سوق عدوانية أو أوامر حد سلبية، مما يساعدهم على فهم المزاج السائد في السوق وكذلك التحيزات الاتجاهية المحتملة.

7. ردود الفعل على الأخبار والأحداث

غالبًا ما يتفاعل تدفق الأوامر بسرعة مع الأخبار والأحداث. ويمكن لسرعة واتجاه الأوامر الجديدة التي تدخل السوق عقب الإعلانات المهمة أن يؤثرا على اكتشاف الأسعار إذ تعكسان كيفية تفسير المشاركين للمعلومات وتفاعلهم معها.

8. التنبؤ بالتقلبات المحتملة للأسعار

يستخدم المتداولون تحليل تدفق الأوامر لتوقع التقلبات المحتملة للأسعار. فقد تشير الأوامر الكبيرة، خاصةً إذا كانت تُحرك السوق، إلى بداية اتجاه جديد أو استمرار اتجاه قائم.