توقعات الذهب للربع الأول 2025
هل من الممكن أن يسجل الذهب مستويات قياسية في 2025؟

شهدت أسعار الذهب تقلبات حادة وتطورات كبيرة نتيجة عوامل اقتصادية وجيوسياسية مختلفة خلال الربع الأخير من العام الماضي، ولكن يبقى السؤال الأهم، هل من الممكن أن تعود الأسعار للارتفاع وتسجيل مستويات قياسية أخرى، أم أن الأوضاع العالمية قد تتسبب بضغوطات على المعدن الأصفر؟
قمم قياسية تاريخية في 2024
سجل الذهب في أكتوبر 2024 أعلى مستوى تاريخي له عند 2,790 دولار للأونصة، كما كان أداؤه العام خلال العام مذهلاً إذ ارتفع بنسبة 12% في النصف الأول من العام. كما سجل ارتفاعاً بالمجمل على مدار العام بسنبة تجاوزت الـ 28%، كذلك فقد تجاوز الطلب الإجمالي عليه في الربع الثالث الـ 100 مليار دولار للمرة الأولى في التاريخ. يوضح الرسم التالي كيف تفوق الذهب على أداء أغلب الأصول الأخرى خلال 2024:

لكن رغم ذلك، إلا أن الذهب قد انخفض بأكثر من 7% عن ذروته في الربع الرابع من العام الماضي، متأثراً بسلسلة من العوامل، حيث كان المحفز الرئيسي هو فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ يشير هذا الفوز إلى تحولات متوقعة في السياسات المالية وتعديلات محتملة للسياسات النقدية في الولايات المتحدة.
أسباب تراجع الذهب خلال الربع الأخير من العام.
بعد أداء مميز في الربع الأول من عام 2024، واجه الذهب انخفاضًا في الربع الرابع، حيث ساهمت عدة عوامل في هذا التحول، بدءًا من التغييرات في السياسة النقدية الأمريكية، إلى تحسن الاستقرار الجيوسياسي. ومع تطور ظروف السوق، تعرضت مكانة الذهب كأصل آمن لتحدٍ متزايد إثر مزيج من التطورات الاقتصادية والسياسية.
سياسات الفيدرالي الأمريكي
لعل واحداً من أهم الأسباب وراء تراجع أسعار الذهب خلال الربع الأخير، يتمثل في تغيير نوايا الفيدرالي الأمريكي حيال قرار خفض الفائدة، حيث ارتفعت أسعار الذهب بقوة طوال العام الماضي مع توجه أغلب البنوك المركزية لا سيما الفيدرالي الأمريكي نحو وتيرة خفض الفائدة بقوة.
رغم ذلك، فقد كانت الأسواق تتوقع خفضًا أكبر في أسعار الفائدة خلال 2025. ولكن بعد اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير، تراجعت هذه التوقعات، مما تسبب في زيادة الضغوطات على الذهب.
قوة الدولار الأمريكي
أدى ارتفاع مؤشر الدولار الفترة الماضية - مصحوباً بإيجابية أغلب البيانات الاقتصادية، وتوقعات تأجيل خفض الفائدة في 2025 - إلى زيادة الضغوطات على المعدن الأصفر، بحيث يصبح الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين بالعملات الأخرى.
تهدئة التوترات الجيوسياسية
شهدت التوترات الجيوسياسية بعض الهدوء في الآونة الأخيرة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتهدئة الأوضاع السياسية مثل وقف الحرب في أوكرانيا، واتباع سياسات تهدئة في غزة. وبالتالي تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن إلى حد ما.
تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي
تعكس أغلب البيانات الاقتصادية تحسناً في أداء الاقتصاد الأمريكي. فمثلا، عاد القطاع الخدمي ليسجل أسرع وتيرة نمو في أربعة أعوام، مما دفع المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطرة الأعلى والابتعاد عن الذهب.
ماذا ننتظر من الذهب في الربع الأول من 2025؟
الاستعداد لتولي دونالد ترامب مقاليد الحكم
قد تشهد أسعار الذهب بعض التقلبات خلال يناير، حيث أنه من المقرر أن يتولى دونالد ترامب منصبه في أواخر يناير، وبالتالي قد تُفضل الأسواق الترقب لمعرفة الاتجاهات السياسية ونوايا ترامب الاقتصادية التي سيتخذها في الأسابيع القليلة الأولى من توليه منصبه، وهذا يشمل علاقاته مع الصين والاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية التي هدد بها ترامب خلال برنامجه الانتخابي.
البنوك المركزية تواصل زيادة احتياطياتها من الذهب
تعمل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على تعزيز احتياطاتها من الذهب، كدرع لمقاومة الصدمات الخارجية التي قد تطرأ على الاقتصاد بشكل مفاجىء. وبخلاف نوايا بعض الدول بالتخلي عن هيمنة الدولار الأمريكي، أكد مجلس الذهب العالمي في تقريره الأخير أن 24% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطاتها من الذهب.
أبرز مشتريات البنوك المركزية من الذهب:
الصين: أعلنت الصين في نوفمبر الماضي عن العودة مجددًا لشراء الذهب كاحتياطي بعد توقف دام ستة أشهر متتالية، حيث وصلت احتياطات الصين من الذهب إلى مستويات قياسية جديدة عند 2264 طن.
الهند: أضاف بنك الاحتياطي الهندي 27 طنًا من الذهب إلى احتياطاته في سبتمبر 2024، مما رفع إجمالي مشترياته منذ بداية العام إلى 54 طنًا.
تركيا ودول أوروبا الشرقية: أضافت تركيا حوالي 45 طن في النصف الأول من العام، بينما تتعهد التشيك بزيادة الاحتياطي من الذهب بحوالي 100 طن خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
هل من الممكن أن يسجل الذهب مستويات قياسية في 2025؟
رغم الضغوطات التي تواجه الذهب مثل احتمالات تأجيل قرار خفض الفائدة وارتفاع الدولار الأمريكي، إلا أن هذين العاملين ليسا الوحيدين اللذين يحددان أداء الذهب. فهناك العديد من العوامل الأخرى مثل التوترات الجيوسياسية، وعمليات شراء الذهب من قِبَل البنوك المركزية، قد تدعم المزيد من الزيادات في الأسعار.
تتوقع أغلب البنوك والمؤسسات العالمية الكبرى أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها وأن تتجه نحو مستويات 3000 دولار للأونصة.
مع ذلك، وبسبب توجه الصين نحو الإجراءات التحفيزية القوية لدعم الاقتصاد، قد يتسبب هذا في بعض الضغوطات على الذهب، حيث أن تلك الإجراءات قد تساهم في التوجه نحو أسواق الأسهم والعقارات، مما سيقلل الطلب على الذهب كملاذ الآمن.
قراءة فنية لتحركات الأسعار:

شهد الذهب تحركات ملحوظة خلال الربع الأخير من العام الماضي، حيث وصل إلى قمة تاريخية بالقرب من مستوى 2790.00 دولار في نهاية شهر أكتوبر. من هذه المنطقة، بدأ السعر بالتراجع بشكل ملحوظ، حيث كسر مستوى الدعم عند 2600.00 دولار، وسجل قاعًا حول 2537.00 دولار. بعد ذلك، شهد الذهب تصحيحًا صعوديًا محدودًا، لكنه واجه مقاومة قوية عند مستوى 2720.00 دولار، الذي اختبره السعر عدة مرات دون نجاح في تجاوزه.
حاليًا، يُظهر الذهب تشكيل نموذج مثلث متماثل على المدى المتوسط، حيث يقع الحد السفلي للنموذج حول 2600.00 دولار. في حال كسر هذا المستوى، يُتوقع حدوث تراجعات إضافية قد تصل إلى مستويات 2580.00 و2537.00 دولار. وإذا تم كسر مستوى 2537.00 دولار، فإن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من التراجع وتحول الهيكلية إلى اتجاه هابط نحو مستوى 2470.00 دولار.
يواجه السعر على المدى القصير مقاومة عند مستوى 2666.00 دولار، وفي حال اختراقها، قد يمتد الصعود لاختبار الحد العلوي للمثلث المتماثل ومستوى المقاومة القوي عند 2720.00 دولار. تجاوز هذا المستوى يُمكن أن يعيد السعر إلى اختبار القمة التاريخية عند 2790.00 دولار. ومع ذلك، فإن كسر مستوى الدعم 2600.00 دولار والتحرك أدنى 2537.00 دولار يُعزز من احتمالات استمرار الاتجاه الهابط على المدى المتوسط، مما يجعل سيناريو التراجع هو الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي.
