توقعات الربع الرابع في الولايات المتحدة
حقبة جديدة من السياسات النقدية التحفيزية تصبغ الاقتصاد الأمريكي
اتجاهات البطالة: من المتوقع أن تصل معدلات البطالة المرتفعة إلى 4.5٪ في الربع الرابع، في حين يتباطأ نمو الوظائف ومعظم الوظائف الجديدة بدوام جزئي، مما يشير إلى استقرار اقتصادي حذر.
تأثير الانتخابات: من المتوقع أن تدعم انتخابات نوفمبر، بغض النظر عن النتيجة، النمو الاقتصادي. يفضل ترامب التخفيضات الضريبية وإضعاف الدولار ، بينما يؤكد هاريس على الإعفاء الضريبي للطبقة المتوسطة والإنفاق على البنية التحتية.
معنويات السوق: انتعشت سوق الأسهم الأمريكية وسط مخاوف من الركود، حيث عكس مؤشر VIX معنويات حذرة. قد يشير الانخفاض إلى ما دون 15.30 إلى انخفاض التقلبات ، في حين أن الارتفاع فوق 21.60 قد يشير إلى زيادة قلق السوق.
طوال المدة منذ ابقاء أسعار الفائدة دون تغيير والتوقف عن رفعها و الفيدرالي الأمريكي يسعى لتحقيق ما يسمى "بالهبوط السلس"، أي عدم الاستعجال في خفض الفائدة إلى أن يبدأ ظهور إشارات مبكرة لضعف الاقتصاد. ولكن مع بداية الربع الأخير من 2024، يبدو أن تلك السياسة قد أوشكت أن تكون محط اختبار بالفعل، حيث بدأ البنك في اجتماع لجنته المفتوحة في شهر سبتمبر بتبني السياسة النقدية التوسعية والتي قد تستمر لفترة من الوقت.
الفيدرالي الأمريكي يُعلن نهاية حقبة التشديد النقدي
بعد أكثر من عامين على التشديد النقدي القوي ورفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياته في عقدين من الزمن، أعلن الفيدرالي الأمريكي في اجتماع سبتمبر نهاية تلك الحقبة. فقرر خفض الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية في محاولة لدعم الاقتصاد وبالأخص قطاع سوق العمل.
وبالرغم من تلك التحديات التي تواجه الاقتصاد، إلا أنه قادر على الاستمرار بخلق وظائف جديدة. بخلاف أن بيانات شهري يوليو وأغسطس لن تعكس الجانب الحقيقي من الاقتصاد، خاصة أنها الأخيرة قبل أن يبدأ الفيدرالي بسلسة الخفض المتتالية. لذا فتغيير السياسة النقدية من شأنه أن يدعم قطاع العمل وأن يُعيد ثقة الشركات والموظفين بالاقتصاد.
ارتفاع البطالة وارد في الربع الرابع من العام
ارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد خلال الأشهر الماضية. وليس هذا فقط، بل إن معدل خلق الوظائف الجديدة قد شهد تباطؤ نمو قوياً الفترة الماضية، كما أن أغلب الوظائف الجديدة تعود هي وظائف بدوام جزئي والتي قد تبدو مؤقتة مقارنة مع الوظائف بدوام كامل.
الرسم البياني يوضح معدل البطالة خلال الأعوام الماضية:
قد تشهد البطالة بعض الارتفاع خلال الربع الأخير من العام، وقد تصل إلى مستويات 4.5%، وهي أعلى من النسب المستهدفة عند 4%. ووفقًأ للإحصائيات الرسمية، فإن معدلات الوظائف الجديدة سجلت أبطأ وتيرة نمو منذ 2014، في حين أن معدلات استقالة العمال هي الأدنى منذ 2018، حيث يعتبر هذا الانخفاض بمعدلات الاستقالة مؤشراً قوياً على عدم ثقة العمال في القطاع وفي قدرتهم على إيجاد وظائف جديدة.
الرسم البياني يوضح معدل خلق الوظائف الجديدة.
مبيعات التجزئة تظهر نمواً ومرونة
في الوقت الذي يعاني فيه قطاع التصنيع من ركود واضح وانكماش على مدار خمسة أشهر متتالية، إلا أن القطاع الخدمي لايزال يسجل نموًا ويظهر تماسكه، الأمر الذي ساهم في تقليل المخاوف تجاه حدوث تباطؤ واسع النطاق.
ارتفعت مبيعات التجزئة بوتيرة تقلل من مخاوف الأسواق، مع ارتفاع بنسبة 1.4% على أساس سنوي في المشتريات عبر الإنترنت، مما يعوض انخفاض مبيعات محطات الوقود بنسبة 1.2%، وهذا يشير إلى أن الاقتصاد الإجمالي قد بقي في حالة مستقرة نسبيًا.
الضغوطات التي تواجه سوق الإسكان
سجلت أسعار المساكن في الولايات المتحدة تباطؤ نمو ملحوظاً في الربع الثاني من العام، يأتي هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه حالة العزوف عن المخاطرة مع ارتفاع معدلات الإقراض بسبب سياسات الفائدة المرتفعة، فقد شدد المقرضون معايير الاقراض طوال الفترة الماضية مع تدهور قطاع سوق العقارات، بالإضافة إلى مخاوف ركود الاقتصاد.
على الرغم من استمرار عقبات القدرة على تحمل التكاليف، تشير المؤشرات إلى أن السوق بدأ يميل لصالح المشترين إلى حد ما، فعلى سبيل المثال، أفادت شركة زيلو أن قرابة 25٪ من قوائمها شهدت تخفيضات في الأسعار في يونيو، وهو أعلى معدل في هذا الوقت من العام منذ عام 2018.
الاقتصاد الأمريكي في انتظار من سيفوز بالانتخابات الرئاسية
سواء فاز دونالد ترامب أو كاميلا هاريس في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، فمن المرجح أن تكون النتيجة داعمة للنمو الاقتصادي وأسواق الأسهم في المقام الأول، فسياسات كلا المنافسين تهدف إلى تحفيز الاقتصاد ورفع عجز الموازنة، بالإضافة إلى التخفيضات الضريبية التي قد تدعم الشركات وتحفز الإنفاق الاستهلاكي.
الخطط الاقتصادية لكاميلا هاريس
تتبنى سياسة هاريس خفض التكاليف وتعزيز الفرص الاقتصادية للطبقة المتوسطة من خلال بعض التدابير التي تشمل الإعفاءات الضريبية وغيرها من العوامل الأخرى مثل زيادة معدلات الانفاق على البنية التحتية والرعاية الصحية، حيث تشتمل خطتها الاقتصادية على المحاور التالية:
- الموازنة العامة: من شأن سياسات هاريس أن تتسبب في زيادة عجز الموازنة بحوالي 1.7 تريليون دولار خلال عقد من الزمن.
- السياسة الضريبية: تتبنى هاريس سياسة الضريبة التصاعدية، أي رفع الضرائب أعلى على أصحاب الدخل الذي يتجاوز 400 ألف دولار. كما أنها ستتجه لزيادة معدل الضرائب على الشركات من21% إلى 28% لزيادة إيرادات الدولة، أي أن سياسات هاريس قد تضغط على أداء واستثمارات الشركات في حال فوزها في السباق الرئاسي.
- استراتيجية التضخم: دعت هاريس إلى قانون فيدرالي لمنع التلاعب بأسعار السلع الغذائية وبالتالي السيطرة على معدلات التضخم وجعل صناعة الأغذية أكثر تنافسية. مع ذلك فإن خطط هاريس تتضمن زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي وبالتالي زيادة معدلات الطلب فوق العرض، لتعود التحديات التي كانت تواجه ارتفاعات التضخم في الأعوام الماضية.
- مبادرات الإسكان: اقترحت هاريس تقديم دعم يصل إلى 25 ألف دولار كدفعه أولى لمشتري المنازل للمرة الأولى، وحوافز ضريبية للمقاولين الذي يعملون في بناء المنازل، لكن في حين أن تلك السياسات قد تدعم نمو القطاع، لكنها قد تأتي بنتائج عكسية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
- الرعاية الصحية: تتبنى هاريس سياسات دعم الرعاية الصحية بشكل أكبر، وخفض تكاليف المعيشة.
السياسات الاقتصادية لدونالد ترامب
لطالما كان ترامب الداعم الأول للشركات طوال فترة ولايته السابقة، وفي حال فوزه مجددًا، فقد تشهد الأسواق العالمية تحسناً قوياً في شهية المخاطرة وقد تكون الشركات وأسواق الأسهم أكثر المستفيدين خلال الفترة المقبلة، حيث تشتمل خطة سياساته الاقتصادية على المحاور التالية:
- السياسة الضريبية: يتبنى ترامب سياسات تمديد التخفيضات الضريبية، بالإضافة إلى إجراء تخفيضات إضافية على معدل ضريبة الشركات، حيث إن تلك السياسات قد تدعم الشركات والأسهم بشكل كبير.
- وضع الدولار الأمريكي: تعتمد سياسات ترامب على إضعاف قيمة الدولار في المقام الأول، حيث شهد الدولار خلال فترة ولايته السابقة انخفاضًا ملحوظًا، وقد يرجع هذا إلى رغبة ترامب في جعل السلع أكثر تنافسية في الأسواق العالمية وبالتالي دعم الصادرات والنمو الاقتصادي، ومع ذلك قد يؤدي ذلك إلى إعاقة وتيرة التعافي الاقتصادي من خلال جعل الواردات أكثر كلفة، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة إشعال المخاوف بشأن التضخم مرة أخرى.
- الرسوم الجمركية: تعهد ترامب بفرض تعريفات جمركية على جميع الواردات من كل دول العالم بنسبة 10%، مع التركيز بشكل خاص على الصين والتي قد يفرض عليها رسوماُ بمقدار 60%، لذا فقد تؤدي عودة ترامب للحكم مجددًا إلى فتح هذا الملف الشائك من جديد.
الصراع بين ترامب والفيدرالي قد يشتد
قد تطفو على السطح من جديد علاقة ترامب المتوترة تاريخيا مع بنك الاحتياطي الفيدرالي إذا انتُخِب من جديد، فسياساته التي تعارض رفع أسعار الفائدة قد تجعله على خلاف مع نهج الفدرالي في إدارة التضخم وأسعار الفائدة، فخلال رئاسته السابقة، انتقد ترامب سياسات الفيدرالي بشكل متكرر، وخاصة تعامله مع أسعار الفائدة.
أسواق الأسهم الأمريكية تنجح في التصدي لمخاوف الركود
وسط مخاوف من ركود اقتصادي محتمل، إلا أن الأسواق الأمريكية قد نجحت بالتعافي سريعًا مع وصول العديد من المؤشرات إلى مستويات قياسية مرتفعة ، ارتفع مؤشر VIX - المعروف بمؤشر التقلب أو "مؤشر الخوف"، والذي يقيس توقعات المستثمرين حول تقلبات السوق المستقبلية على مدى الـ 30 يومًا القادمة - حيث شهد في الآونة الأخيرة صعودًا قويًا وصل إلى مستوى 36.50 بسبب ضعف بيانات سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة.
ولكن بعد هذا الارتفاع الحاد، تراجع مؤشر التقلبات بشكل ملحوظ وأنشأ مستوى دعم قوي عند 15.30، حيث يشير هذا المستوى إلى نقطة ارتكاز مهمة؛ إذ إن كسره قد يؤدي إلى استمرار الهبوط نحو مستويات 12.00، وهو ما يشير إلى انخفاض تقلبات السوق وتحسن معنوياته.
في المقابل، يقف مستوى المقاومة الرئيسية لمؤشر التقلبات عند 21.60، وهي نقطة محورية، تجاوزها قد يدفع بالمؤشر نحو مستوى 28.20. حيث تشير هذه التحركات المتوقعة إلى أن السوق في حالة ترقب، مع توقعات بتقلبات متفاوتة بناءً على كيفية تعامل الأسواق مع الأخبار الاقتصادية والتطورات السياسية في الفترة القادمة.