اضطرابات سوق السندات في المملكة المتحدة تختبر أجندة راشيل ريفز الاقتصادية
تواجه المستشارة البريطانية راشيل ريفز ضغوطا اقتصادية متزايدة مع ارتفاع عائدات السندات، وضعف الجنيه الإسترليني، والمرونة المالية المحدودة، مما يختبر قدرة حكومتها على تحقيق التوازن بين النمو والاستقرار والانضباط المالي.

عائدات السندات البريطانية تصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
الجنيه الإسترليني يهبط إلى أدنى مستوياته في أكثر من عام.
المستشار ريفز يواجه تشككا من جانب السوق بشأن الخطط المالية.
تواجه المملكة المتحدة تحديات مالية متزايدة مع ارتفاع عائدات السندات وهبوط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته منذ عدة سنوات. وتواجه وزيرة الخزانة راشيل ريفز، التي تولت منصبها قبل ستة أشهر بتعهد بتحقيق النمو الاقتصادي والانضباط المالي والاستقرار، ضغوطا متصاعدة تهدد بتقويض طموحاتها. فقد وصل العائد على سندات الحكومة البريطانية لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، في حين انخفض الجنيه الإسترليني إلى أضعف نقطة له منذ أكثر من عام. وتشكل هذه التطورات مخاطر كبيرة على اقتصاد المملكة المتحدة، حيث تلقي بظلالها على خطاب ريفز المتوقع بشأن النمو الاقتصادي، والذي كان من المفترض أن يحدد رؤية حكومتها للمستقبل. ويحذر المحللون من أنه في غياب التدخل الحاسم، قد تواجه الحكومة خيارات صعبة، بما في ذلك تدابير التقشف أو زيادات الضرائب، الأمر الذي قد يؤدي إلى تآكل رأس مالها السياسي.
المرونة المالية المحدودة
تكمن إحدى نقاط الضعف الرئيسية في استراتيجية ريفز الاقتصادية في الحيز المالي الضيق الذي احتفظت به في ميزانيتها في أكتوبر/تشرين الأول. ومع تخصيص أقل من 10 مليارات جنيه إسترليني لمواجهة التحديات غير المتوقعة، فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض أدى فعلياً إلى القضاء على هذا الحاجز. حيث فقدت الحكومة السيطرة على وضعها المالي. وإذا لم تتخذ إجراءات تصحيحية، فسوف تعاني مصداقيتها، وقد تكون العواقب السياسية وخيمة.
ويعكس افتقار السوق إلى الثقة أن الشكوك حول قدرة المملكة المتحدة على إدارة ماليتها العامة بشكل فعال. ومع اقتراب الدين الوطني من 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي - وهو أعلى مستوى في ستة عقود - يظل المستثمرون متشككين في قدرة الحكومة على تحفيز النمو والحد من التضخم. وقد أدى هذا التشكك إلى ما وصفه بعض خبراء الاقتصاد بـ "هروب رأس المال"، وهو ما يذكرنا بأزمة الجنيه الإسترليني في عام 1976.
الركود الاقتصادي وتحديات السياسة
يقدم المشهد الاقتصادي الأوسع عقبات إضافية. فبعد فوز حزب العمال الانتخابي، توقف النمو الاقتصادي، وظل التضخم مرتفعاً، وضعفت ثقة الأعمال. لقد أدت الزيادة الضريبية التي أقرتها الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول والتي بلغت 40 مليار جنيه إسترليني إلى تفاقم المخاوف، مما حد من قدرتها على المناورة.
ومن بين هذه القضايا، أن قواعد ريفز المالية تلزم بتغطية الإنفاق الحكومي اليومي من عائدات الضرائب، مما يفرض قيوداً إضافية على صنع السياسات. وفي حين تعهد حزب العمال بتجنب التقشف واستبعدت ريفز الزيادات الضريبية الفورية، فإن الحاجة إلى إيجاد 12 مليار جنيه إسترليني في التعديلات المالية، قد تجبر الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة.
وأشارت الأسواق إلى أن الخطة الحالية للحكومة ليست مستدامة. ويهدد تأخير العمل بإلحاق المزيد من الضرر بالمصداقية.
السياق العالمي والتداعيات المحلية
على الرغم من أن الاضطرابات الأخيرة في سوق السندات تنبع إلى حد كبير من عوامل عالمية، وخاصة ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية، فإن اعتماد المملكة المتحدة على الاستثمار الأجنبي يزيد من ضعفها. ويؤكد هذا الاعتماد، الذي يشار إليه غالباً باسم "لطف الغرباء"، على أهمية الحفاظ على ثقة السوق.
إن السوق متشككة بشدة في قدرة الحكومة على تمويل عجز مالي أكبر. وفي غياب خطة موثوقة، سوف تستمر الضغوط في التصاعد.
الضرورات الاستراتيجية
في خضم هذه التحديات، تواجه ريفز تدقيقًا مكثفًا بشأن نهجها لاستعادة الاستقرار المالي. وتشمل الخيارات زيادة الضرائب، أو خفض الإنفاق الحكومي، أو زيادة الاقتراض ــ وكل منها محفوف بالمخاطر الاقتصادية والسياسية.
إن التزام حزب العمال بحماية الخدمات العامة يضيق نطاق الحلول القابلة للتطبيق. وفي حين أكدت ريفز على التزامها بالقواعد المالية، تبدو الأسواق غير مقتنعة، وتطالب بالوضوح والتحرك الحاسم.
إن خطاب ريفز القادم بشأن النمو الاقتصادي، والذي كان من المفترض في البداية أن يحدد رؤية طويلة الأجل، طغى عليه الآن المخاوف المالية المباشرة. ويزعم مراقبو السوق أن تأجيل اتخاذ الإجراءات حتى توقعات مكتب مسؤولية الميزانية القادمة في مارس/آذار من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع، وتقويض الاستقرار الاقتصادي وثقة السوق.