توقعات المملكة المتحدة للربع الأول 2025

التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة لعام 2025: مواجهة النمو البطيء والتضخم وضغوط التجارة العالمية

بواسطة Nadia Elbilassy | @Nadia Elbilassy | 23 يناير 2025

UK outlook Q1 2025

يواجه الاقتصاد البريطاني عام 2025 الكثير من التحديات، تشتمل على نمو بطيء، وضغوط تضخمية مستمرة، وشكوك التجارة العالمية التي تلقي بظلالها على التوقعات الممتدة من عام 2024. كما ويتوقع بنك إنجلترا نموًا متواضعًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5٪، مؤكداً على القيود الاقتصادية الناجمة عن التحديات المحلية، والتأثيرات المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ضغوط التجارة العالمية وسياسات الولايات المتحدة

يتمثل التحدي الكبير لآفاق النمو في المملكة المتحدة في تأثير أنماط التجارة العالمية المتغيرة، وخاصة السياسات الأمريكية في ظل الإدارة الجديدة القادمة. في حين أنه من غير المرجح أن تكون المملكة المتحدة مستهدفة بشكل مباشر من خلال زيادات التعريفات الجمركية الأمريكية، إلا أن اقتصادها المفتوح لا يزال عرضة للتدابير الحمائية الأوسع نطاقا، والآثار المتتالية لزيادة التعريفات الجمركية في جميع أنحاء العالم. ومما يزيد من تفاقم هذا الضعف الآثار المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي تستمر في تعطيل تدفقات التجارة والاستثمار، مما يزيد من إضعاف الأداء الاقتصادي.

قد تتوفر بعض الراحة إثر تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ولكن حتى التعاون الوثيق قد لا يعوض تمامًا عن تركة التحديات طويلة الأجل الناجمة عن الأثر الذي أحدثه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على علاقاتها التجارية. لا تزال الولايات المتحدة شريكا تجاريًا رئيسيًا، حيث تمثل ما يقرب من 20٪ من صادرات وواردات المملكة المتحدة. ففي عام 2024 ، صدّرت المملكة المتحدة 188 مليار جنيه إسترليني من السلع والخدمات إلى الولايات المتحدة، بينما استوردت 116 مليار جنيه إسترليني. لكن على الرغم من هذه العلاقة القوية، إلا أن موقف المملكة المتحدة التفاوضي ضعيف نسبيًا، مما يجعلها تعتمد بشكل كبير على سياسات الولايات المتحدة، ويتركها معرضة لصدمات خارجية محتملة.

قيود السياسات المالية والنقدية
أما على الصعيد المحلي، تواجه الحكومة البريطانية قيودًا مالية كبيرة. كما يؤدي العجز الكبير في الميزانية وارتفاع تكاليف الاقتراض وارتفاع الدين العام إلى تقييد قدرة الحكومة على تقديم حوافز مالية لدعم الاقتصاد.

كذلك يواجه ​بنك إنجلترا​ قيودًا في سياساته النقدية. ورغم احتمالية خفض أسعار الفائدة، إلا أنه يواجه تحديات على صعيد تحقيق التوازن، حيث إن التضخم لا يزال مرتفعًا، وأي تخفيض إضافي قد يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية. إضافة إلى ذلك، يؤدي النمو المنخفض للإنتاجية في المملكة المتحدة إلى تعقيد احتمالات التعافي السريع، مما يعني أن النمو الاقتصادي سيبقى ضعيفًا.

ضغوط التضخم وتحديات سوق العمل
يظل التضخم مصدر قلق رئيسي في التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة لعام 2025. ففي نوفمبر 2024، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 2.6% بسبب نمو الأجور وزيادة تكاليف الخدمات، على الرغم من حدوث بعض التراجع في سوق العمل.

يبلغ معدل البطالة في المملكة المتحدة 4.2%، بينما تظل زيادة الأجور مرتفعة عند 5.2%. ومع ذلك، تشير الاستطلاعات إلى أن الشركات - خاصة الصغيرة منها - تقلل من خطط التوظيف، مما يشير إلى ضعف محتمل في سوق العمل.

ورغم أن التضخم الأساسي قد تراجع عن ذروته في العام الماضي، إلا أن الاتجاه نحو تخفيف التضخم لا يزال قائمًا. يتوقع ​بنك إنجلترا​ أن يصل مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.7% في 2025، مع انخفاض طفيف إلى 2.5% بحلول 2026. ومع ذلك، إذا استمرت ظروف سوق العمل بالتدهور وظل النمو الاقتصادي ضعيفًا، فقد يكون التضخم أقل من المتوقع، مما يزيد من تعقيد قرارات السياسة النقدية.

UK outlook Q1 2025

خفض أسعار الفائدة وآفاق الجنيه الإسترليني
أظهر ​بنك إنجلترا​ حذرًا في سياسته النقدية خلال 2024، مع تنفيذ تخفيضين فقط في أسعار الفائد: أحدهما تخفيض من 5.25% إلى 5% في أغسطس والآخر من 5% إلى 4.75% في نوفمبر.

رغم هذه التخفيضات، إلا أن استمرار التضخم يحد من قدرة البنك على خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في المستقبل القريب. ومع ذلك، فقد يؤدي ضعف سوق العمل وتباطؤ نمو الأجور إلى زيادة احتمالية خفض الفائدة. إذ تتوقع الأسواق خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس في 2025، مما قد يوفر بعض الدعم قصير الأجل للجنيه الإسترليني.

قد يواجه الجنيه الإسترليني ضغوطًا متزايدة في بداية 2025، خاصة إذا قلّت الضغوط التضخمية، بينما يظل النمو الاقتصادي ضعيفًا. كما قد تؤدي الظروف الضعيفة في سوق العمل، وتباطؤ نمو الأجور، وانخفاض الاستهلاك إلى تسارع تخفيف التضخم، مما يدفع البنك إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة من المتوقع وهذا من شأنه أن يزيد الضغط الهبوطي على الجنيه، مما يعكس هشاشة التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة.

الهشاشة الاقتصادية
هناك مجموعة من العوامل تشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد وهي النمو البطيء، والتحديات التضخمية، وقيود السياسات، والمخاطر التجارية الخارجية، ورغم وجود بعض التوقعات المتفائلة للنمو، فإن ضعف المملكة المتحدة أمام التحولات في التجارة العالمية وضغوط التضخم يزيد من احتمالات أن يكون أداؤها أقل من المتوقع.

التعامل مع هذا الغموض الاقتصادي يتطلب مراقبة دقيقة للتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية خلال 2025.