توقعات الذهب فى الربع الرابع لعام 2023

تحولات أسعار الذهب وسط سياسات البنوك المركزية وعدم اليقين الاقتصاد العالمي

بواسطة Raed Alkhedr | @raedalkhedr | 1 نوفمبر 2023

Copied
Has gold lost its lustre_
  • على الرغم من الاتجاه الهبوطي منذ مايو 2023 ، تواجه أسعار الذهب تقلبات ، حيث تدفع التوترات الجيوسياسية الأسعار نحو 2000 دولار.

  • تقوم البنوك المركزية على مستوى العالم بتنويع محافظها من خلال زيادة احتياطيات الذهب ، وهو اتجاه أبرزته مخاوف التضخم.

يتجه الذهب في اتجاه هابط منذ بداية مايو 2023، متأثرًا بالسياسات النقدية التي تتبعها أغلب البنوك المركزية وتراجُع الطلب على الذهب عالميًا. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أغلب التوقعات الآن أصبحت تدعم استمرار تراجع الذهب في الربع الأخير من العام.

تعمل الرياح الجيوسياسية على دفع أسعار الذهب باتجاه الـ 2000 دولار، على الرغم من أنها كانت في مسار هابط واضح منذ بداية مايو 2023. لقد تم إعادة ترتيب الأسواق في الربع الرابع مع ارتفاع الطلب على ملاذات الأمان إلى القمة.
قبل آخر التطورات في الساحة الجيوسياسية كانت الذهب يتأثر بالسياسات النقدية المتشددة التي اعتمدتها معظم البنوك المركزية حيث تراجع الطلب العالمي على المعادن الثمينة. وكانت التوقعات تشير إلى أن الذهب من الممكن أن يستمر في انخفاضه طوال الربع الأخير من عام 2023. ومع ذلك، أصبحت هذه النظرية مشوهة إلى حد ما بعد ارتفاع التوترات الجيوسياسية.

سياسات البنوك المركزية تضغط على الذهب.

عانت أسعار الذهب طوال العام من انخفاضات ملحوظة. . فبالرغم من مخاوف الركود الاقتصادي التي هيمنت في بداية العام على المشهد، وبالرغم و من استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ، إلا أن المعدن الأصفر فشل في الحفاظ على استقراره وبدأ في الانخفاض وبالأخص بداية من مايو عندما انخفض من 2077 دولار للأونصة إلى مستويات 1886 دولار للأونصة.

يجدر الإشارة إلى أن الفيدرالي الأمريكي للمرة الأولى في حوالي عام ونصف من رفع الفائدة المستمر وبقوة، قرر اتخاذ قرار تثبيت الفائدة مرتين منذ بداية النصف الثاني من العام. مرة في اجتماع يونيو، والثانية في اجتماع سبتمبر الماضي.

وبالرغم من تثبيت الفائدة في بعض الاجتماعات أو اتباع سياسة نقدية جديدة، وهي عدم الاستعجال في وتيرة التشديد النقدي، إلا أن البنك قد ترك المجال مفتوحًاأ أمام رفع الفائدة من جديد قبل نهاية العام. وقام البنك برفع توقعاته لأسعار الفائدة في لعامَي 2024 و2025.

وأشار بيان الفائدة المصاحب للقرار، أن أغلب أعضاء الفيدرالي الأمريكي يروا ضرورة اتخاذ قرار رفع الفائدة مرة أخرى قبل نهاية العام. وفي المؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي "جيروم باولپاول" أكد أن البنك يراقب معدلات التضخم عن كثب وأنه على استعداد لاتخاذ التدابير الملائمة للسيطرة على الأسعار.

وبالتالي فتأكيد البنك الفيدرالي الأمريكي على الاستمرار في وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة، قد يستمر في الذغط الضغط على السلع المقومة بالدولار الأمريكي وعلى رأسهم الذهب، الذي واصل تراجعه ويقترب مجددًأ مجددًا من مستويات 1900 دولار للأونصة.

مخاوف ارتفاعات التضخم بدأت تتلاشى.

في عام 2022 كانت مشكلة ارتفاعات التضخم المفرطة التضخم أحد أهم المشكلات التي واجهت الاقتصاد العالمي هي ارتفاعات التضخم المفرطة. الأمر الذي ساهم في زيادة الطلب على الذهب كأداة رئيسية للتحوط ضد التضخم. ، وكانت أحد الأسباب التي دفعت أسعار الذهب إلى مستويات 2000 دولار للأونصة.

ولكن الآن ومع استقرار الأوضاع الاقتصادية على الصعيد العالمي، بدأت أسعار الذهب في الانخفاض مجددًا. فبدأت البنوك المركزية في السيطرة على معدل ارتفاع الأسعار، وعلى رأسهم الفيدرالي الأمريكي. فمعدلات التضخم الأمريكية تباطأ ت نموها من ذورتهاذروتها في 2022 عند 9.1% لتصل في الوقت الحالي إلى 3.7%. فيما يستهدف الفيدرالي الأمريكي تضخم عند 2%، مما يشير إلى التوجه السليم للبنك في السيطرة على التضخم.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن إن أغلب البنوك المركزية قد أشارت في اجتماعاتها الأخيرة أشارت إلى نجاحها في السيطرة على معدلات التضخم. بل أن بعضوقد بدأت البنوك المركزية بدأت في تثبيت الفائدة بسبب هذا الأمر. وبالتالي عادت شهية المخاطرة لترتفع من جديد في الأسواق العالمية وانخفض الطلب على الذهب كأداة رئيسية للتحوط ضد التضخم.

ولكن يجب الوضع بعين الاعتبار، عودة ارتفاعات أسعار النفط لمستويات 90 دولار للبرميل، والمخاوف الناجمة عن استمرار ارتفاع الأسعار العالمية الفترة المقبلة بسبب سياسات خفض الإمدادات. الأمر الذي تسبب في عودة مخاوف ارتفاعات التضخم لتلوح في الأفق من جديد، مع ارتفاع أسعار النفط العالمية.

وبالتالي تبقى أسعار الذهب مرهونة بمعدل ارتفاع أسعار السلع والخدمات الفترة المقبلة، وهل ستبدأ معدلات التضخم في الارتفاع مجددًاأ، أم أن سياسات البنوك المركزية في التشديد النقدي بوتيرة قوية سيمنع عودة ارتفاع التضخم مجددًا.

بالإضافة إلى ذلك، مع عودة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط الآن، وارتفاع إحتمالية تصعيد هذه التوترات، فإنه من الممكن أن تزور أسعار الذهب مستوى 2015-2050 دولار. حيث أن مستوى 2050 دولار يعتبر نقطة مقاومة قوية تم زيارتها في السابق في عام 2020 و 2022 ومايو 2023.

من ناحية أخرى، إذا تخلت أسعار الذهب عن مكاسبها الأخيرة كملاذ آمن التي تم تحفيزها هذا الشهر، فإن تمديد انخفاضها نحو مستوى الـ 1900 دولار قد يكون أمرًا ممكنًا تمامًا، دون مراعاة العوامل الجيوسياسية.

إذا نجحت الأسعار في الحفاظ على إغلاق أسبوعي فوق مستوى 1975 دولار، سيكون ذلك عنصراً داعماً للارتفاع على الإطار الزمني الأقصر. على الجانب المقابل، يتعين مراعاة نقطة بارزة وهي أن الارتفاع حدث بسرعة، وبالتالي، أي انعكاس محتمل قد يكون أيضًا سريعاً.

زيادة احتياطات البنوك المركزية من الذهب.

في الآونة الأخيرة، أصبحت البنوك المركزية على الصعيد العالمي تحرص على زيادة احتياطياتها من الذهب كأداة رئيسية للتحوط ضد التضخم، ولدعم اقتصادها وعملتها المحلية. ومع تزايد التوترات الجيوسياسية، فضّلت البنوك المركزية زيادة حصتها من الاحتياطي للذهب بدلاً من الاعتماد على الدولار الأمريكي. وبالأخص بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي كان لها تداعيات سلبية على الأسواق الناشئة.

وأظهرت تقارير مجلس الذهب العالمي أن الطلب على الذهب بين البنوك المركزية قد ارتفع إلى أعلى مستوى قياسي في الربع الأول من العام 2023، إذ أضافت 228 طناً إلى احتياطاتها العالمية من الذهب، مسجلة وتيرة قياسية للأشهر الثلاثة الأولى من العام منذ بدء جمع البيانات في العام 2000.

وفي النصف الأول من العام، وبرغم تباطؤ وتيرة المشتريات في الربع الثاني، ارتفعت مشتريات البنوك المركزية من الذهب بمقدار 387 طناً.

وكانت الصين من أكثر الدول التي اتجهت إلى زيادة حصتها من الذهب، حيث استمر بنك الصين الشعبي في سياسة شراء الذهب كاحتياطي نقدي للشهر العاشر على التوالي في أغسطس، مع محاولاته المستمرة للتخلي عن الدولرة. فقد أضاف 217 طن خلال الأشهر العشرة الماضية.

كما خفضت الصين ، حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى لها منذ 14 عامًا في يونيو (أدنى مستوى منذ 2009).

ولم تكن الصين فقط هي من تستمر في زيادة حصتها من الذهب، بل أغلب الدول الناشئة مثل الهند، البرازيل، تركيا تستمر في شراء الذهب للتخلي عن هيمنة الدولار الأمريكي وفي محاولات مستمرة للحفاظ على استقرار العملة المحلية.

وحسب بيانات مجلس الذهب العالمي الأخير، سجلت البنوك المركزية صافي مشتريات في يوليو الماضي بقيمة 55 طن، مما يدعم وجهة نظر تحوط البنوك المركزية بالذهب على المدى البعيد.

يأتي بنك الشعب الصيني مرة أخرى كأكبر مشترٍ، بإضافته 23 طناً خلال الشهر قبل الماضي، ليعزز بذلك موقعه كأكبر مشترٍ منذ بداية العام الحالي بإجمالي 126 طناً. وعاد البنك المركزي التركي مرة أخرى لقائمة المشترين في يوليو الماضي، إذ عزز احتياطه بـ17 طناً أخرى، وفي أوائل أغسطس الماضي كشفت روسيا عن عزمها استئناف شراء الذهب.

Copied