دور البنوك المركزية في دفع تقلبات السوق

تتمتع البنوك المركزية بتأثير كبير على تداول العملات الأجنبية بسبب مسؤولياتها الرئيسية، مثل تحديد أسعار الفائدة، والإشراف على احتياطيات العملات الأجنبية، وضمان استقرار النظام المصرفي، والتدخل في سوق الفوركس حسب الحاجة.

فتتمتع هذه الأنواع من البنوك بتأثير كبير على قيم العملات وفرص التداول من خلال قرارات السياسة النقدية والتدخلات والتوجيهات المستقبلية. ويتابع المتداولون والمستثمرون بشكل عام إجراءات البنك المركزي واتصالاته بجدية لاتخاذ قرارات تداول أو استثمارات مستنيرة.

ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك كيف رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة بعد الوباء للحد من التضخم وكيف قامت الأسواق مؤخرًا بتسعير تخفيضات أسعار الفائدة مع استقرار التضخم. وهو ما يظهر لنا مدى قدرة البنوك المركزية على تقلبات السوق، حيث تتقلب الأسهم وأزواج العملات الأجنبية بشكل كبير في مثل هذه الأوقات التي تتخذ فيها البنوك المركزية قرارات استراتيجية.

تدخلات البنك المركزي

بغض النظر عن صياغة السياسة النقدية، تمتلك البنوك المركزية سلطة التدخل المباشر في سوق الفوركس. يحدث مثل هذا التدخل عندما تقوم البنوك المركزية بشراء أو بيع عملتها للتأثير على قيمتها السوقية، وعادة ما تهدف هذه التدخلات إلى استقرار العملة أو التصدي للتقلبات المفرطة.

هذه التدخلات تؤثر بشكل كبير على أسواق الفوركس، مما يؤدي إلى تأثير مباشر على العرض والطلب على العملة. عندما يشتري البنك المركزي عملته، يزيد الطلب عليها، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها. وعلى الجانب المقابل، عندما تقوم البنوك المركزية ببيع عملتها، تزيد العرض، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم البنوك المركزية أيضًا بشراء احتياطات من الذهب بشكل متكرر، وغالبًا ما تؤثر ذلك على أسعار الذهب أيضًا. ومثال جيد على ذلك هو كيف ارتفعت أسعار الذهب خلال فترة قصيرة من الزمن خلال عامي 2023 و 2024. ولم يكن هذا الارتفاع نتيجة فقط للتوترات الجيوسياسية، بل كان أيضًا نتيجة للاضطرابات في الصين، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في مشتريات احتياطي الذهب من قبل البنك المركزي الصيني.

بناءً على ذلك، يتتبع المتداولون والمستثمرون بشكل عام تدخلات البنك المركزي بعناية، حيث يمكن لهم توفير فرص تداول مربحة. من خلال تحليل تلك التدخلات، يمكن للمتداولين الحصول على رؤى قيمة حول تقلبات العملة المحتملة وضبط استراتيجيات التداول الخاصة بهم وفقًا لذلك.

أسعار الفائدة

تقوم البنوك المركزية بتعديل أسعار الفائدة بهدف السيطرة على التضخم، أو تحفيز النمو الاقتصادي، أو تثبيت قيمة العملة. تعمل أسعار الفائدة المرتفعة بشكل عام على جذب الاستثمار الأجنبي، مما يزيد من الطلب على العملة ويؤدي إلى ارتفاع قيمتها. بالمقابل، يمكن أن تنخفض قيمة العملة عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، لأن ذلك قد يؤدي إلى تقليل الطلب عليها.

ومنذ عام 2022، تمحورت اهتمامات الأسواق حول أسعار الفائدة وأداء الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

السياسة النقدية

تنفذ البنوك المركزية سياسات نقدية لإدارة المعروض النقدي وتحقيق أهداف اقتصادية محددة. على سبيل المثال، قد يقوم البنك بتنفيذ سياسة التيسير الكمي (زيادة المعروض النقدي) لتحفيز النشاط الاقتصادي، أو يمكنهم تشديد السياسة النقدية للحد من التضخم. تلك الإجراءات تؤثر بشكل مباشر على أسعار الفائدة وقيم العملات.

التوجيه المستقبلي

يمتد دور مشاركة البنوك المركزية في أسواق الأساسيات إلى التوجيه المستقبلي، وهو دور مهم آخر يلعبه هذه المؤسسات في نقل نوايا السياسة النقدية. ومن خلال التوجيه المسبق، الذي يتضمن اتصالاتهم بشأن نوايا السياسة النقدية المستقبلية، تدير البنوك المركزية توقعات السوق وتؤثر على أسعار الفائدة.

يمكن أن تؤثر تصريحات مسؤولي البنك المركزي خلال المؤتمرات الصحفية أو في بيانات السياسة على توقعات السوق. إذا ألمح البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة في المستقبل، فإذا أشار البنك المركزي إلى احتمال رفع أسعار الفائدة في المستقبل، قد يقوم المتداولون بشراء العملة للاستفادة من العوائد المرتقبة الأعلى، مما ينعكس إيجاباً على قيمتها. وعلى الجانب المقابل، إذا كانت التلميحات تتجه نحو خفض أسعار الفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة العملة.

لذلك ، في كل مرة اقترح فيها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إمكانية رفع أسعار الفائدة ، أدى ذلك إلى ارتفاع قيمة الدولار.

فيعتمد المتداولون على تحليل بيانات البنك المركزي وتصريحاته لفهم الاتجاهات الأساسية والإجراءات المحتملة. ويساعدهم فهم التوجيهات المستقبلية للبنك المركزي على اتخاذ قرارات مستنيرة وضبط مواقفهم وفقاً لذلك.