توقعات النفط للربع الرابع فى عام 2023

هل من الممكن أن تصل أسعار النفط لمستويات 100 دولار للبرميل؟

بواسطة Raed Alkhedr | @raedalkhedr | 8 نوفمبر 2023

Copied
Will WTI reach $100 per barrel_
  • انخفضت مخزونات النفط الأمريكية بشكل حاد منذ بداية عام 2023 ، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2022 عند حوالي 420 مليون برميل.

  • ارتفعت أسعار النفط العالمية بنحو 30٪ منذ منتصف يونيو، لتصل إلى 90 دولارا للبرميل، مدفوعة بتخفيضات الإمدادات من اتفاق بين المملكة العربية السعودية وروسيا.

حلّقت أسعار النفط العالمية بما يقرب من 30% منذ منتصف يونيو الماضي، منذ أن اتفقت المملكة العربية السعودية وروسيا على خفض الإمدادات لدعم الأسعار العالمية في الوقت الذي تستمر فيه مخاوف تراجع الطلب.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، مدّدت المملكة العربية السعودية وروسيا تخفيضات الإمدادات بواقع مليون و300 ألف برميل يوميًا حتى نهاية العام، الأمر الذي تسبب في استمرار ارتفاع أسعار النفط واختراقها لمستويات 90 دولار للبرميل.

وفي آخر تصريحات وزير الطاقة السعودي أكّد أن أوبك تستهدف الحفاظ على استقرار أسواق النفط ولكنها لا تستهدف مستويات محددة. وأضاف أن خطط الانتاج يتم مراجعتها بشكل شهري.

مدى تأثر أسهم الطاقة بالصراع الذي بات علنيًا بين منظمة أوبك وبين وكالة الطاقة الدولية.

تستمر وكالة الطاقة الدولية في التحذير من استمرار لجوء منظمة الأوبك إلى سياسة خفض الإمدادات، حيث تؤكد المنظمة أن معدلات الطلب العالمية لا تستدعي خفض الإمدادات. فتستمر الضغوطات التي تواجه الاقتصاد العالمي ومخاوف الركود الاقتصادي وبالأخص في الصين مع عدم عودة ثاني أكبر اقتصاد عالمي إلى مرحلة التعافي قبل أزمة كوفيد-19 بعد.

وفي عام 2021، دعت وكالة الطاقة الدولية إلى وقف الاستثمار بشكل كامل في مشاريع النفط والغاز الجديدة، بهدف الوفاء بأهداف المناخ العالمية.

وأكّدت منظمة الأوبك أن تصريحات وكالة الطاقة تضر بأسواق النفط، حيث أنهم لا يستهدفون الأسعار على الإطلاق، وإنما يتحركون بناءً على أساسيات أسواق النفط.

وتسبب هذا الصراع في الضغط على أسهم الطاقة، حيث أن بيع أسهم شركات النفط على المكشوف بات حاليًا أمرًا واقعيًا مع اقتراب أسعار النفط من مستويات 100 دولار للبرميل.

توقعات تعافي الطلب العالمي.

على الرغم من الضغوطات التي واجهت الاقتصاد الصيني الفترة الماضية، والتي كانت السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار النفط العالمية. إلا أن البيانات الاقتصادية قد بدأت مؤخرًا تبث بعض من ملامح التعافي الاقتصادي. فقد نما إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة بأسرع وتيرة منذ أغسطس الماضي.

هذا ويستمر صناع القرار في الصين في اتخاذ إجراءات لدعم الاقتصاد كان آخرها تقليص الرسوم على الأسهم للمرة الأولى منذ عام 2008، في إشارة إلى احتمالات تعزيز الاستثمارات والنمو الاقتصادي الفترة المقبلة. وهو ما دفع بنك جي بي مورجان إلى رفع توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني لعام 2023 من 4.8% إلى 5%.

وبالتالي إذا أثبتت البيانات الاقتصاية الفترة المقبلة أن الاقتصاد الصيني في طريقه بالفعل نحو التعافي الاقتصادي وابتعاده عن مخاوف الركود، فقد يساعد هذا في تهدئة التوقعات مع استمرار ارتفاع أسعار النفط بشكل قوي الفترة المقبلة.

الصين تتجه إلى النفط الروسي.

الصين هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم حاليًا. وبينما يبدو أن نمو الصين قد انتعش في الفترة الأخيرة، إلا أن هناك العديد من العوامل التي قد تضغط على الأسعار العالمية الفترة المقبلة.

في الأشهر الأخيرة، استهدفت الصين بقوة النفط الروسي المتوفر بأسعار منخفضة. ومنذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أوضحت الصين أنها تعتبر العقوبات الغربية غير شرعية. ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت مشتريات الصين من روسيا بشكل كبير.

وأظهرت الإحصائيات أن إجمالي واردات الصين من النفط الخام سجل ثاني أعلى أحجام على الإطلاق في أغسطس الماضي، لكن باستثناء الواردات من روسيا، ارتفعت بنحو 2% فقط عن مستويات ديسمبر 2022.

مخزونات النفط الأمريكي تنخفض.

Oil inventories

وشهدت مخزونات النفط الأمريكي منذ بداية عام 2023 انخفاضات حادة، بل من المرجح أن تواصل انكماشها، حيث يشير الطلب القياسي وتخفيضات إمدادات المنتجين وضعف العقود الآجلة وارتفاع تكاليف التخزين إلى زيادة عمليات السحب. ووصلت مخزونات النفط الأمريكي إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2022، ما يقرب من 420 مليون برميل.

إلى أي مدى قد تستمر صناديق التحوط في هذا التوجه؟

ترى صنايق التحوط أنه على الرغم من توجه منظمة الأوبك إلى سياسة خفض الإنتاج، ولكن الوضع الاقتصادي العام لا يزال يشوبه مخاوف الركود الاقتصادي. فقد زادت توقعات تباطؤ نمو ثاني أكبر اقتصاد عالمي مع استمرار البيانات المخيبة للآمال، الأمر الذي قد يتسبب في تراجع الطلب العالمي الفترة المقبلة وهو ما قد يتسبب في عودة تراجع أسعار النفط العالمية.

هل يعد مؤشرًا على وضع سلبي يشوب القطاع؟

يجدر الإشارة إلى أن بعض الأنباء الأخيرة تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستخفف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وفنزويلا. ارتفع إنتاج النفط في فنزويلا إلى أكثر من 840 ألف برميل يوميًا في شهر يوليو. أما إنتاج إيران من النفط وصل إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من الخمسة أعوام.

على الرغم من التوقعات التي بدأت تتصاعد باحتمالات انخفاض النفط مع احتمالات زيادة إمدادات النفط في تلك الدول، إلا أن الأوضاع الحالية لا تزال تدعم استمرار ارتفاع أسعار النفط. بالإضافة إلى أن أغلب المؤسسات رفعت توقعاتها لأسعار النفط العالمية إلى مستويات 100 دولار للبرميل وعلى رأسهم مؤسسة "جولدمان ساكس"، التي رفعت توقعاتها لخام برنت من 93 دولار إلى 100 دولار للبرميل خلال العام المقبل.

توقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط.

عادت توقعات ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة إلى مستويات 100 دولار للبرميل. فسياسة "أوبك+" وتأكيد المملكة العربية السعودية وروسيا أن سياسة خفض الإنتاج من شأنها الوصول للتوازن في الأسواق العالمية، قد تستمر في دعم الأسعار العالمية.

يأتي هذا في الوقت الذي تستمر فيه مخزونات النفط الأمريكي في الانخفاض لتتسبب في زيادة جانب نقص المعروض.

ولكن معدل ارتفاع أسعار النفط العالمية سيبقى مرهونًا بمدى تحسّن معدلات الطلب العالمي. ففي حالة استمرار تعافي الطلب من جانب الصين واستقرار ثاني أكبر اقتصاد عالمي قد يساهم في الضغط نوعًا ما على الأسعار العالمية.

ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار توجه الصين للخام الروسي والمخاوف التي تتضمن الضغوطات التي قد تواجه الاقتصاد الصيني، وأنه لم يصل إلى مستويات التعافي التي تدعم زيادة الطلب على النفط. وبالتالي ففي حالة استمرار الأوضاع الحالية قد لا يجد النفط مفرًّا أمام زيارة مستويات 100 دولار للبرميل قبل نهاية العام.

هل ارتفاعات أسعار النفط قد تدفع الفيدرالي الأمريكي إلى إعادة النظر في السياسة النقدية الحالية؟

في أحدث اجتماعاته، أبقى الفيدرالي الأمريكي على الفائدة دون تغيير، وأكّد أن البنك يتبع سياسة (soft landing) أي أنه سيُبقي على الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول، ولكنه لن يتعجل في وتيرة التشديد النقدي مرة أخرى.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن عودة ارتفاع أسعار النفط تسبب في مخاوف ارتفاع التضخم، وبالتالي عودة البنوك المركزية لتسريع وتيرة رفع الفائدة مرة أخرى.

ويؤثر ارتفاع أسعار النفط على كل شيء، بدءً من أسعار البنزين ووصولاً إلى تكاليف النقل والإنتاج للسلع الاستهلاكية. ويأتي الضغط غير المرغوب فيه على التضخم في ظل انخفاض الأسعار بشكل عام طوال عام 2023.

حتى الآن يؤكد الفيدرالي الأمريكي، بل وأغلب البنوك المركزية أن الأوضاع الحالية لا تستدعي الاستمرار في وتيرة رفع الفائدة القوية. ولكن في حالة استمرار ارتفاع أسعار النفط وعودته أعلى 100 دولار للبرميل، وقتها قد يتخلى الفيدرالي الأمريكي عن سياسة (soft landing) ويعود من جديد لرفع الفائدة، وقد يؤول هذا الأمر في النهاية إلى عودة مخاوف ركود الاقتصاد العالمي.

التباين بين معدلات التضخم الحقيقية والتضخم الأساسي

خلقت ارتفاعات أسعار النفط تباينًا واضحًا بين معدلات التضخم الحقيقية والأساسية التي تستثني التغير في أسعار الغذاء والنفط. وقد ظهرت تلك المشكلة بشكل أوضح في أوروبا. حيث أظهرت البيانات الأخيرة تباطؤ نمو التضخم الحقيقي ولكن بالنظر إلى التضخم الأساسي، نجد أنه قد تسارع بعض الشيء متأثرًا بارتفاعات أسعار النفط.

وبالتالي فاستمرار ارتفاع أسعار النفط قد يتسبب في الضغط على البنوك المركزية الفترة المقبلة. قد يتم التأكيد أن الارتفاعات الحالية للتضخم الأساسي قد تكون مؤقتة. ولكن كما أشرنا سابقًا، إن استمرار ارتفاع أسعار النفط قد يكون ذو تأثير مستدام على أغلب القطاعات مثل ما حدث عندما ارتفعت أسعار النفط في 2021 و2022 والتي دفعت البنوك المركزية إلى تسريع وتيرة التشديد النقدي.

Copied